سوى محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: والذي يدل على ذلك قوله: {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} ، وليس المراد بقوله:{وَأَنفُسَنَا} نفس محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لأن الإنسان لا يدعو نفسه، بل المراد به غيره، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب، فدلت الآية على أن نفس علي هي نفس محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولا يمكن أن يكون المراد منه أن هذه النفس هي عين تلك النفسِ، فالمراد: أن هذه النفس مثل تلك النفس، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه، ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة وفي حق الفضل؛ لقيام الدلائل على أن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان نبياً، وما كان عَلِيٌّ كذلك، ولانعقاد الاجماع على أن محمداً ك ان أفضل من علي، فيبقى فيما وراءه معمولاً به، ثم الإجماع دَلَّ على أنّ محمداً كان أفضلَ من سائر الأنبياء، فيلزم أن يكون عَلِيٌّ أفضلَ من سائر الأنبياء، فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآية، ثم قال: ويؤكد هذا الاستدلالَ الحديثُ المقبولُ - عند الموافقِ والمخالفِ - وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«من أرَادَ أنْ يَرَى آدَمَ فِي عِلمِهِ، وَنُوحاً في طَاعَتِهِ، وإبْرَاهِيمَ فِي خُلَّتِه، وَمُوسَى في هَيْبَتِه، وَعِيْسَى في صَفْوَتِهِ فَلْيَنْظُرْ إلى عَلِيِّ بنِ أبي طالبٍ» .
فالحديث دل على أنه اجتمع فيه ما كان متفرِّقاً فيهم، وذلك يدل على أن عَلِيًّا أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
أما سائر الشيعةِ فقد كانوا - قديماً وحديثاً - يستدلون بهذه الآية على أن عليًّا أفضلُ من سائر الصحابة؛ وذلك لأنَّ الآية لمَّا دلَّت على أن نَفْسَ عَلِيٍّ مِثْلُ مُحَمَّدٍ - إلا ما خصه الدليل - وكان نفس محمد أفضل من الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - فوجب أن يكون نفس عليٍّ أفضل من سائر الصحابة، هذا تقريرُ كلامِ الشيعة.
فالجوابُ: أنه كما انعقد الإجماع بَيْنَ المسلمين على أن محمداً أفضلُ من عليٍّ، فكذلك انعقد الإجماع بينهم - قَبْلَ ظُهُورِ هذا الإنسانِ - على أن النبيَّ أفضل ممن ليس بنبيِّ، وأجمعوا على أن عليًّا ما كان نبيًّا، فلزم القطعُ على أن ظاهرَ الآية، كما أنه مخصوص في حق محمد، فكذلك مخصوص في حق سائر الأنبياءِ - عليهم السلام -.