للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على أصله - في إدخال الألف والتحقيق - ولم يُقْرَأ بالوجه الثاني - وهو التسهيل - لأن إبدال الهمزة الأولى هاءً مُغْنٍ عن ذلك.

وقال آخرون: إنه يجوز أن تكون «ها» - في قراءة الجميع - مُبْدَلَةً من همزة، وأن تكون التي للتنبيه دخلت على «أنتم» ذكر ذلك ابو علي الفارسي والمَهْدَوِي ومَكِيّ في آخرين.

فأما احتمال هذين الوجهين - في قراءة أبي عمرو وقالون عن نافع، وهشام عن ابن عامر - فقد تقدم توجيهه، وأما احتمالهما في قراءة غيرهم، فأما الكوفيون والبَزِّيُّ وابنُ ذكوان فقد تقدم توجيه كون «ها» - عندهم - للتنبيه، وأما توجيه كونها بدلاً من الهمزة - عندهم - أن يكون الأصل أنه أأنتم، ففصلوا بالألف - على لغة مَنْ قال: [الطويل]

١٥٠٣ - ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . ... أأنتِ أمْ أمُّ سَالِمِ

ولم يعبئوا بإبدال الهمزة الأولى هاءً؛ لكَوْن البدَلِ فيها عارضاً، وهؤلاء، وإن لم يكن من مذهبهم الفصل لكنهم جمعوا بين اللغتين.

وأما توجيه كونها بدلاً من الهمزة - في قراءة قُنْبُلٍ وورشٍ - فقد تقدم، وأما توجيه كونها للتنبيه في قراءتهما - وإن لم يكن فيها ألف - أن تكون الألف حُذِفَتْ لكثرة الاستعمال، وعلى قول مَنْ أبدل كورشٍ حذفت إحدى الألفين؛ لالتقاء الساكنين.

قال أبو شَامَةَ: الأوْلَى في هذه الكلمة - على جميع القراءات فيها - أن تكون «ها» للتنبيه؛ لأنا إن جعلناها بدلاً من همزةٍ كانت الهمزةُ همزةَ استفهامٍ، و {هاأنتم} أينما جاءت في القرآن إنما جاءت للخبر، لا للاستفهام، ولا مانع من ذلك إلا تسهيلُ مَنْ سَهَّل، وحَذْفُ مَنْ حذف، أما التسهيل فقد سبق تشبيهه بقوله: {لأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] وشبهه، وأما الحذف فنقول: «ها» مثل «أما» - كلاهما حرف تنبيه - وقد ثبت جواز حذف ألف «أما» فكذا حذف ألف «ها» وعلى ذلك قولهم: أمَ واللهِ لأفْعَلَنَّ.

وقد حمل البصريون قولهم: «هَلُمَّ» على أن الأصل «هَالُمَّ» ، ثم حذف الف «ها» فكذا {هاأنتم} . وهو كلام حَسَنٌ، إلا أنَّ قوله: إن {هاأنتم} - حيث جاءت - كانت خبراً، لا استفهاماً ممنوع، بل يجوز ذلك، ويجوز الاستفهام، انتهى.

ذكر الفرّاءُ أيضاً - هنا - بحثاً بالنسبة إلى القصر والمد، فقال: من أثبت الألفَ في «ها» ، واعتقدها للتنبيه، وكان مذهبُه أن يقصر في المنفصل، فقياسه هنا قَصْر الألف سواء حقَّق الهمزة، أو سهلها، وأمّا من جعلها للتنبيه، ومذهبه المد في المنفصل، أو جعل الهاء مبدلة من همزة استفهام - فقياسه أن يمد - سواء حقق الهمزة أو سهلها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>