وثانيها: أن {أَن يؤتى} في محل رفع بالابتداء، والخبر محذوف، تقديره: أأن يُؤتَى أحَدٌ - يا معشر اليهودِ - من الكتاب والعلم مثل ما أوتيتم تصدقون به، أو تعترفون به، أو تذكرونه لغيركم، أو تُشيعونه في الناس، ونحو ذلك مما يَحْسُنُ تقديره، وهذا على قول مَنْ يقول: أزَيْدٌ ضربته؟ وهو وجه مرجوحٌ، كذا قدره الواحديُّ تبعاً للفارسيِّ وأحسن من هذا التقدير لأن الأصل أإتيان أحد مثل ما أوتيتم ممكن أو مصدق به.
الثالث: أن يكون منصوباً بفعل مقدَّرٍ يُفَسِّرُه هذا الفعل المُضْمَر، وتكون المسألة من باب الاشتغال، التقدير: أتذكرون أن يؤتى أحَدٌ تذكرونه؟ ف «تذكرونه» مُفَسِّرٌ ل «تذكرون» الأولى، على حد: أزيداً ضربتَه؟ ثم حذف الفعل الأخير؛ لدلالة الكلام عليه، وكأنه منطوقٌ به، ولكونه في قوةِ المنطوقِ به صَحَّ له أن يُفَسِّر مُضْمَراً وهذه المسألة منصوص عليها، وهذا أرجح من الوجه قبله، لأنه مثل: أزيداً ضربته وهو أرجح، لأجل الطالب للفعل، ومثل حذف هذا الفعل المقدَّر لدلالة ما قبل الاستفهام عليه حذف الفعل في قوله تعالى:
قال الواحديُّ: فإن قيل: كيف جاز دخول «أحَدٌ» في هذه القراءة، وقد انقطع من النفي، والاستفهام، وإذا انقطع الكلام - إيجاباً وتقريراً - فلا يجوز دخول «أحَدٌ» .
قيل: يجوز أن يكون طأحَدٌ «- في هذا الموضع - أحداً الذي في نحو أحد وعشرين، وهذا يقع في الإيجاب، ألا ترى أنه بمعنى» واحد «.
قال أبو العباسِ: إن» أحَداً «و» وَحَداً «و» وَاحِداً «بمعنًى.
وقوله:{أَوْ يُحَاجُّوكُمْ} ، أو في هذه القراءة - بمعنى» حتى «، ومعنى الكلام: أأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم تذكرونه لغيركم حتى يُحَاجُّوكُمْ عند ربكم.
قال الفراء:» ومثله في لكلام: تَعَلَّق به أو يُعْطيك حَقَّك.
ومثله قول امرئ القيس:[الطويل]
١٥١٤ - فَقُلْتُ لَهُ: لا تَبْكِ عَيْنُكَ إنَّمَا ... نُحَاوِلُ مُلْكاً أو نَمُوتَ فنُعْذَرَا
أي حتى، ومن هذا قوله تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}[آل عمران: ١٢٨] ، ومعنى