للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْنَا «وحده هو الخبر، و {سَبِيلِ} مرتفع به على الفاعلية. ويجوز أن يكون {سَبِيلِ} اسم» ليس «والخبر أحد الجارين أعني: {عَلَيْنَا} أو {فِي الأميين} .

ويجوز أن يتعلق {فِي الأميين} بالاستقرار الذي تعلق به» عَلَيْنَا «وجوّز بعضهم أن يتعلق بنفس» ليس «نقله أبو البقاء، وغيرُه، وفي هذا النقل نظر؛ وذلك أن هذه الأفعال النواقص في عملها في الظروف خلاف، وَبَنَوُا الخلافَ على الخلاف في دلالتها على الحدث، فمن قال: تدل على الحدث جوز إعمالها في الظرف وشبهه، ومن قال: لا تدل على الحدث منعوا إعمالها. واتفقوا على أن» ليس «لا يدل على حدث ألبتة، فكيف تعمل؟ هذا ما لا يُعْقَل.

ويجوز أن يتعلق {فِي الأميين} ب» سَبيلٌ «، لأنه استعمل بمعنى الحرجِ، والضمانِ، ونحوها. ويجوز أن يكون حالاً منه فيتعلق بمحذوف.

قال: فالأمي منسوب إلى الأم، وسُمِّي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أمياً؛ قيل: لأنه كان لا يكتب، وذلك لأن الأمَّ: أصل الشيء فمن لا يكتب فقد بَقِي على أصله في أن لا يكتب.

وقيل: نسبة إلى مكة، وهي أمُّ القُرَى.

قوله: {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكذب} فيه وجوهٌ:

أحدها: هو قولهم: أن جواز الخيانةِ مع المخالف مذكور ف يالتوراة، وكانوا كاذبين في ذلك، وعالمين بكونهم كاذبين. [ومن كان كذلك كانت خيانته أعظمَ، وجرمُه أفحش] فيه.

وثانيها: أنهم يعلمون كون الخيانة مُحَرَّمَةٌ.

وثالثها: أنهم يعلمون ما على الخائن من الإثم.

فصل في رد شهادة الكافر

قال القرطبيُّ:» دلَّت هذه الآيةُ على أنَّ الكافرَ لا يُجعل أهلاً لقبول شهادته؛ لأن الله تعالى وصفه بالكذب، وفي الآية رَدٌّ على الكَفَرَةِ الذين يُحَلِّلُون ويُحَرِّمون من غير تحليل الله وتحريمه ويجعلون ذلك من الشرع، قال ابن العربيّ: ومِنْ هذا يخرج الرَّدُّ على مَنْ يحكم بالاستحسان مِن غير دليل، ولست أعلم أحداً من أهل القبلةِ قاله «.

قوله: {عَلَى اللَّهِ} يجوز أن يتعلق بالكذب - وإن كان مصدراً - لأنه يُتَّسَع في الظرف وعديله ما لا يُتَّسَع في غيرهما ومَنْ منع علَّقه ب» يَقُولُونَ «متضمِّناً معنى يفترون، فعُدِّي تعديته. ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من» الْكَذِب «، وقوله: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} جملة حالية، ومفعول العلم محذوف اقتصاراً، أي: وهم من ذوي العلم، أو اختصاراً، أي: وهم يعلمون كذبهم وافتراءهم، وهو أقبح لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>