يُنِيلُهم خيراً، وليس المقصود منه النظر بتقليب الحَدَقَةِ إلى المَرْئِيّ - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - {وَلَا يُزَكِّيهِمْ} أي: لا يطهرهم من دنس الذنوب بالمغفرة.
وقيل: لا يُثْنِي عليهم كما يُثْنِي على أوليائه - كثناء المزكِّي للشاهد والتزكية من الله قد تكون على ألسنة الملائكة، كقوله تعالى:{وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُم}[الرعد: ٢٣ - ٢٤] وقد تكون من غير واسطة، أما في الدنيا فكقوله:{التائبون العابدون}[التوبة: ١١٢] . وأما في الآخرة فكقوله:{سَلَامٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ}[يس: ٥٨] . ثم قال:{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} في هذه اللام أحدهما: أنها بمعنى الاستحقاق , أي: يستحقُّون العذاب الأليم. لما بين حرمانهم من الثواب، بين كونهم في العقاب الشديد المؤلم.
فصل
قال القرطبي: " دلت هذه الآية والأحاديث على أن حكم الحاكم لا يحل المال في الباطن بقضاء الظاهر إذا علم المحكوم له بطلانه، وروت أم سلمة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنكم تختصمون إليَّ، وإنما بشرٌ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من يأخذه؛ فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة. قوله:{ولهم عذاب أليم} في هذه اللام قولان: أحدهما: أنها بمعنى الاستحقاق، أي: يستحقُّون العذاب الأليم. الثاني: كما تقول: المال لزيد , فتكون لام التمليك , فذكر ملك العذاب لهم , تهكُّماً بهم.