والتخفيف مُسوَّغ لذلك، بخلاف التشديد، فإنه لا بدّ من تقدير مفعول. وأيضاً فهو أوفق لِ «تَدْرُسُونَ» . والقراءتان متواترتان، فلا ينبغي ترجيحُ إحداهما على الأخْرى.
وقرأ الحسن ومجاهدٌ «تَعَلَّمُونَ» - بفتح التاء والعين، واللام مشددة - من تعلم، والأصل تتعلمون - بتاءين - فحُذِفَتْ إحداهما.
قوله:{وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} كالذي قبله، والعامة على «تَدْرُسُونَ بفتح التاء، وضم الراء - من الدرس، وهو مناسب» تَعْلَمُونَ «من علم - ثلاثياً.
قال بعضهم: كان حق من يقرأ» تُعَلِّمون «- بالتشديد - أن يقرأ» تُدَرِّسُونَ «- بالتشديد وليس بلازمٍ؛ إذ المعنى: صرتم تُعَلِّمون غيرَكم، ثم تُدَرِّسُونَ، وبما كنتم تدرسون عليهم - أي: تتلونه عليهم، كقوله:{لِتَقْرَأَهُ عَلَى الناس}[الإسراء: ٦] .
قال أبو حَيْوَةَ - في إحدى الرواتين عنه -» تَدْرِسُونَ «- بكسر الراء - وهي لغة ضعيفة، يقال: دَرَس العلم يدرسه - بكسر العين في المضارع - وهما لغتان في مضارع» درس «وقرأ هو - أيضاً - في رواية» تُدَرِّسُونَ «من درَّس - بالتشديد - وفيه وجهان:
أحدهما: أن يكون التضعيف فيه للتكثير موافقاً لقراءة» تَعْلَمُونَ «بالتخفيف.
الثاني: أن التضعيف للتعدية، ويكون المفعولان محذوفين؛ لغهم المعنى، والتقدير: تُدَرِّسُونَ غيركم العلم، أي: تحملونهم على الدرس. وقُرِئَ» تُدْرِسُونَ «من أدرس - كيكرمون من أكرم - على أن أفعل بمعنى فعل - بالتشديد - فأدرس ودرّس واحد كأكرم وكرّم، وأنزل ونزّل.
والدرس: التكرار والإدمان على الشيء. ومنه: درس زيد الكتاب والقرآن، يدرُسه ويدرِسه، أي: كرر عليه، ويقال درست الكتاب، أي: تناولت أثره بالحفظ، ولما كان ذلك بمداومة القرآن عبر عن إدامة القرآن بالدرس. ودَرَس المنزلُ: ذهب أثرُه، وطلَلٌ عافٍ ودارس بمعنًى.
قوله:{وَلَا يَأْمُرَكُمْ} قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بنصب يَأمُرَكُمْ» والباقون بالرفع وأبو عمرو على أصله من جواز تسكين الراء والاختلاس، وهي قراءة واضحة،