للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأجيب بأن على الوجه الذي قلتم يكون الميثاقُ مضافاً إلى الموثَقِ عليه. وعلى قولنا إضافته [إليهم إضافة الفعل إلى الفاعل - وهو الموثق - وإضافة الفعلِ إلى الفاعل أقوى من إضافته] إلى المفعول؛ فإن لم يكن فلا أقل من المساواة، وهو كما يقال: ميثاقُ اللهِ وعهجه، فيكون التقدير: وإذ أخذ اللهُ الميثاق الذي وثقه الأنبياء على أمَمِهم.

ويمكن أن يُراد ميثاق أولاد النبيين - وهم بنو إسرائيلَ - على حذف مضافٍ [وهو كما يقال: «فعل بكر بن وائل كذا» ، و «فعل معد بن عدنان كذا» ، والمراد أولادهم وقومهم، فكذا ههنا] .

ويحتمل أن يكون المراد من لفظ «النَّبِيِّينَ» أهل الكتاب، فأطلق لفظ «النَّبِيِّينَ» عليهم؛ تهكُّماً بهم على زعمهم؛ لأنهم كانوا يقولون: نحن أولى بالنبوة من محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأنا أهل الكتاب، ومنا النبيون، قاله الزمخشريُّ.

ويمكن أنه ذكر النبي والمراد أمته كقوله: {ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: ١] .

واحتجوا - أيضاً - بما روي أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةٌ، أمَا وَاللهِ لَوْ كَانَ مُوسَى بْنُ عمْرانَ حَيًّا لَمَا وَسعهُ إلَاّ اتِّبَاعِي» .

وبما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أنه قال: «إن الله - تعالى - ما بعث آدم وَمَنْ بعده من الأنبياء عليهم السلام إلا أخذ العهد عليه لئن بُعِث محمدٌ وهو حَيٌّ ليؤمننَّ به، ولينصرنه» .

القول الثاني: أن الميثاق مضاف لفاعله، والموثق عليه غير مذكور؛ لفهم المعنى، والتقدير: ميثاق النبيِّين على أممهم، ويؤيده قراءة أبَيّ وعبد الله، ويؤيده - أيضاً - قوله: {فَمَنْ تولى بَعْدَ ذلك} [آل عمران: ٨٢] والمراد من الآية أن الأنبياء كانوا يأخذون الميثاق من أمهم بأنه إذا بُعِث محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يُؤمِنوا به وينصروه وهو قول مجاهدٍ والربيع، واحتجوا بقوله: {ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ} [آل عمران: ٨١] وإنما كان محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مبعوثاً إلى أهل الكتابِ دون النبيين.

وقال أبو مسلم: ظاهر الآية يدل على أن الذين أخذ اللهُ الميثاق منهم، يجب عليهم الإيمان بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عند مبعثه وكل الأنبياءِ يكونون عند مبعثه عليه السَّلامُ من زمرة الأموات والميت لا يكون مكلفاً، فعلمنا أن المأخوذ عليهم الميثاق ليسوا هم النبيين بل

<<  <  ج: ص:  >  >>