أحدها: أنها معطوفة على «كَفَرُوا» و «كَفَرُوا» في محل نَصْب؛ نعتاً لِ «قوماً» أي: كيف يهدي من جمع بين هذين الأمرين، وإلى هذا ذهب ابنُ عطيةَ والحَوْفِيُّ وأبو البقاء، وردَّه مكيّ، فقال: لا يجوز عطف «شَهِدُوا» على كَفَرُوا «لفساد المعنى. ولم يُبَيِّن جهَةَ الفساد، فكأنه فهم الترتيب بين الكفر والشهادة، فلذلك فَسَد المعنى عنده. وهذا غير لازم؛ فإن الواو لا تقتضي ترتيباً، ولذلك قال ابن عطيةَ:» المعنى مفهوم أن الشهادة قبل الكُفْر، والواو لا تُرَتِّب «.
الثاني: أنها في محل نصب على الحال من واو» كَفَرُوا «فالعامل فيها الرافع لصاحبها، و» قد «مضمرة معها على رأي - أي كفروا وقد شهدوا، وإليه ذهب جماعةٌ كالزمخشريِّ، وأبي البقاء وغيرهما.
قال أبو البقاء:» ولا يجوز أن يكون العامل «يَهْدِي» ؛ لأنه يهدي من شَهِدَ أن الرسولَ حق «.
يعني أنه لا يجوز أن يكون حالاً من» قَوْماً «والعاملُ في الحالِ» يَهْدِي «لما ذكر من فساد المعنى.
الثالث: أن يكون معطوفاً على» إيمَانِهِمْ «لما تضمَّنه من الانحلال لجملة فعلية؛ إذ التقدير: بعد أن آمنوا وشهدوا، وإلى هذا ذهب جماعة.
قال الزمخشريُّ: أن يُعْطَف على ما في» إيمانهم «من معنى الفعل؛ لأن معناه: بعد أن آمنوا، كقوله:{فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن}[المنافقون: ١٠] وقول الشاعر: [الطويل]
وجه تنظيره ذلك بالآية والبيت يوهم ما يسوِّغ العطف عليه في الجملة، كذا يقول النحاة: جزم على التوهم أي لسقوط الفاء؛ إذْ لو سقطت لانجزم في جواب التحضيض، ولذا يقولون: توهَّم وجودَ الباء فَجَرَّ.