وقال مقاتل بن حيان: البرّ التقوى.
كقوله: {ولكن البر مَنْ آمَنَ بالله واليوم الآخر} [البقرة: ١٧٧] إلى قوله: {وأولئك هُمُ المتقون} [البقرة: ١٧٧] .
وقيل: البر «الطاعة.
فالذين قالوا: إن البر هو الجنة قال بعضهم: معناه لن تنالوا ثواب البر.
ومنهم من قال: المراد بر الله أولياءه، وإكرامه إياهم، وتفضله عليهم، من قولهم: بَرَّني فلان بكذا أو بِرُّ فلان لا ينقطع عني.
وقوله:» مما تحبون «قال بعضهم: إنه نفس المال.
وقال آخرون: أن تكون الهبة رفيعة جيدة لقوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُواْ الخبيث مِنْهُ تُنْفِقُون} [البقرة: ٢٦٧] .
وقال آخرون: ما يكون محتاجاً إليه القوم؛ قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطعام على حُبِّه} [الإنسان: ٨]- في أحد تفاسير الحُبِّ - وقوله: {وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة} [الحشر: ٩] .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «أفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَصَدَّقْتَ بِهِ وَأنْتَ صَحِيحٌ، شَحِيحٌ، تَأمُلُ الغِنَى وتَخْشَى الْفَقْرَ» .
روى الضحاك عن ابن عباس: أن المراد به: الزكاة.
قال ابْنُ الخَطِيبِ: لو خصصنا الآية بغير الزكاة لكان أوْلَى؛ لأن الآية مخصوصة بإيتاء الأحَبّ، والزكاة الواجبة لا يجب على المزكِّي أن يُخرج أشرف أموال، أو أكرمها، بل الصحيح أن هذه الآية مخصوصة بإيتاء المال على سبيل النَّدْب.
ونقل الواحدي عن مجاهد والكلبي، أن هذه الآية منسوخة بإيتاء الزكاة، وهذا في غاية البُعْد؛ لأن إيجاب الزكاة كيف ينافي الترغيب في بَذْل المحبوب لوجه الله.
قوله: {وما تنفقوا من شيء} تقدم نظيره في البقرة.
فإن قيل: لِمَ قيل: {فإن الله به عليم} على جهة جواب الشرط، مع أن الله يعلمه على كل حال؟
فالجواب م نوجهين:
الأول: أن فيه معنى الجزاء، تقديره: وما تُنْفِقُوا من شيء فإن الله مجازيكم به - قَلَّ أم كَثر -، لأنه عليم به، لا يَخْفَى عليه شيء منه، فجعل كونه عالماً بذلك الإنفاق كناية عن إعطاء الثواب، والتعريض - في مثل هذا الموضع - يكون أبلغ من التصريح.
الثاني: أنه - تعالى - يعلم الوجه الذي لأجله تفعلونه، ويعلم أن الداعي إليه هو الإخلاص أم الرياء، ويعلم أنكم تنفقون الأحب الأجود أم الأخسّ الأرذل، ونظيره قوله