وهو» أول بَيْتٍ «- لتخصيص النكرة بشيئين: الإضافة، والوصف بالجملة بعده، وهو جائز في باب» إن «، ومن عبارة سيبويه: إن قريباً منك زيدٌ، لما تخصص» قريباً «بوصفه بالجار بعده ساغ ما ذكرناه، وزاده حُسْناً - هنا - كونه اسماً ل» إنَّ «، وقد جاءت النكرة اسماً ل» إنَّ «- وإن لم يكن تخصيص - كقوله:[الطويل]
أحدها: أنها مرادفة ل» مكة «فأبدلت ميمها باءً، قالوا: والعرب تُعَاقِب بين الباء والميم في مواضع، قالوا: هذا على ضربة لازم، ولازب، وهذا أمر راتب، وراتم، والنبيط والنميط وسبد رأسه وسمَدَها، وأغبطت الحمى، وأغمطت.
وقيل: إنها اسم لبطن مكة، ومكة اسم لكل البلد.
وقيل: إنها اسم لمكان البيت.
وقيل: إنها اسم للمسجد نفسه، وأيدوا هذا بأن التباكّ وهو: الازدحام إنما يحصل عند الطواف، يقال: تباكَّ الناسُ - أي: ازْدَحموا، ويُفْسِد هذا القولَ أن يكون الشيء ظرفاً لنفسه، كذا قال بعضهم، وهو فاسد، لأن البيت في المسجد حقيقةً.
وقال الأكثرون: بكة: اسم للمسجد والمطاف، ومكة: اسم البلد، لقوله تعالى:{لَلَّذِي بِبَكَّةَ} فدل على أن البيت مظروف في بكة، فلو كان بكة اسماً للبيت لبطل كون بكةَ ظرفاً له.
وسميت بكة؛ لازدحام الناس، قاله مجاهد وقتادة، وهو قول محمد بن علي الباقر.
وقال بعضهم: رأيت محمد بن علي الباقر يصلي، فمرت امرأة بين يديه، فذهبت أدْفَعها، فقال: دعها، فإنها سُمِّيَتْ بكةَ، لأنه يبكُّ بعضُهم بعضاً، تمر المرأة بين يدي الرجل وهو يصلي، والرجل بين يدي المرأة وهي تصلي، ولا بأس بذلك هنا.
وقيل: لأنها تبكُّ أعناق الجبابرة - أي: تدقها.
قال قطرب: تقول العرب: بَكَكْتهُ، أبُكُّهُ، بَكًّا، إذا وضعت منه.