استطاعة السبيل إلى الشيء: عبارة عن إمكان الوصول إليه، قال تعالى:{فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ}[غافر: ١] ، وقال:{هَلْ إلى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ}[الشورى: ٤٤] .
قال عبد الله بن عمر: سأل رجلٌ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال: يا رسول الله، ما يُوجب الحَجَّ؟ فقال:«الزاد والراحلة، قال: يا رسول الله، فما الحاجّ؟ قال: الشعث، التَّفِل.
فقام آخر فقال: يا رسول الله، أيُّ الحج أفضل؟ فقال: الحج والثج، فقام آخر فقال: يا رسول ما السبيلُ؟ فقال:» زادٌ ورَاحِلةٌ «.
ويعتبر في حصول هذا الإمكان صحة البدن، وزوال خَوف التلف من سبع، أو عدو، أو فُقْدان الطعام والشراب، والقدرة على المال الذي يشتري به الزاد، والراحلة، ويقضي جميع الديون التي عليه، ويَرُدّ ما عنده من الودائع، ويضع عند مَنْ تجب عليه نفقته من المال، ما يكفيه لذهابه ومجيئه، هذا قول الأكثرين.
وروى القفال: عن جُوَيْبِر عن الضحاك أنه قال: إذا كان شاباً صحيحاً ليس له مال، فعليه أن يؤاجر نفسه حتى يقضي حجه، فقال له قائل: أكلَّف الله الناس أن يمشوا إلى البيت؟ فقال: لو كان لبعضهم ميراث بمكة أكان يتركه؟ قال: لا، بل ينطلق إليه ولو حبواً، قال: فكذلك يجب عليه حجّ البيت.
وعن عكرمة - أيضاً - أنه قال: الاستطاعة هي: صحة البدن، وإمكان المشي إذا لم يجد ما يركبه؛ لأن الصحيح البدن، القادر على المشي إذا لم يجد ما يركبه يصدق عليه أنه مستطيع لذلك الفعل، فتخصيص الاستطاعة بالزاد والراحلة تَرْك لظاهر الآية، فلا بد من دليل منفصل، والأخبار المروية أخبار آحاد، فلا يُتْرَك لها ظاهرُ الكتاب، ولا سيما وقد طُعِنَ فيها من وجوه: