للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله (عوجاً) فيه وجهان:

أحدهما: أنه مفعول به، وذلك أن يُراد ب «تَبْغُونَ» تطلبون.

قال الزجَّاج والطبريّ: تطلبون لها اعوجاجاً.

تقول العرب: ابْغِني كذا - بوصل الألف - أي: أطْلُبه لي، وأبْغِني كذا - بقطع، الألف - أي: أعِنِّي على طلبه.

قال ابنُ الأنباري: البغي يقتصر له على مفعول واحد إذا لم يكن معه اللام، كقولك: بغيت المال والأجر والثواب.

وههنا أريد يبغون لها عوجاً، فلما سقطت اللام عمل الفعل فيما بعدَها، كما قالوا وهبتك درهماً، يريدون وهبت لك، ومثله: صِدْتُك ظبياً، أي: صدت لك.

قال الشاعر: [الخفيف]

١٥٤٥ - فَتَوَلَّى غُلَامُُهُمْ ثُمَّ نَادَى ... أظِليماً أصِيدُكُمْ أمْ حِمَارا

يريد: أصيد لكم ظليماً؟

ومثله: «جنيتك كمأة وجنيتك طِبًّا» ، والأصل جنيت لك، فحذف ونصب «.

والثاني: أنه حال من فاعل» تَبْغُونََهَا «وذلك أن يُراد ب» تبغون «معنى تتعدّون، والبغي: التَّعَدِّي.

والمعنى: تبغون عليها، أو فيها.

قال الزجاج: كأنه قال تبغونها ضالين، والعوج بالكسر، والعوج بالفتح - المَيْل، ولكن العرب فرَّقوا بينهما، فخَصُّوا المكسور بالمعاني، والمفتوح بالأعيان تقول: في دينه وفي كلامه عِوَج - بالكسر، وفي الجدار والقناة والشجر عَوَجٌ - بالفتح.

قال أبو عبيدة: العِوَج - بالكسر. المَيْل في الدِّين والكلامِ والعملِ، وبالفتح في الحائط والجِذْع.

وقال أبو إسحاق: الكسر فيما لا تَرَى له شَخْصاً، وبالفتح فيما له شَخْصٌ.

وقال صاحب المُجْمَل: بالفتح في كل منتصب كالحائط، والعوَج - يعني: بالكسر - ما كان في بساط، أو دين، أو أرض، أو معاش، فجعل الفرق بينهما بغير ما تقدم.

وقال الراغب: العِوَجُ: العطف من حال الانتصاب، يقال: عُجْتُ البعير بزمامه، وفلان ما يعوج به - أي: يرجع، والعَوَج - يعني: بالفتح - يقال فيما يُدْرَك بالبصر

<<  <  ج: ص:  >  >>