للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فأنزل الله هذه الآية، فما كان يوم أقبح أولاً وأحسن آخراً من ذلك اليوم.

واعلم أن هذه الآية يحتمل أن يكون المراد بها: جميع ما يحاولونه من أنواع الضلالة، فبيَّن - تعالى - أن المؤمنين إذا قَبِلوا منهم قولَهم أدَّى ذلك - حالاً بعد حال - إلى أن يعودوا كفاراً، واكلفر يوجب الهلاك في الدُّنْيَا بالعداوة والمحاربة، وسفك الدماء، وفي الآخرة بالعذاب الأليم الدائم.

قوله: {يَرُدُّوكُم} رَدَّ، يجوز أن يُضَمَّن معنى: «صَيَّر» فينصب مفعولَيْن.

ومنه قول الشاعر: [الوافر]

١٥٥٠ - رَمَى الحَدَثَانُ نِسْوَةَ سَعْدٍ ... بِمِقْدَارٍ سَمَدْنَ لَهُ سُمُوداً

فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضاً ... وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ البِيضَ سُودَا

ويجوز ألا يتضمن، فيكون المنصوبُ الثاني حالاً.

قوله: {بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} يجوز أن يكون منصوباً ب «يَرُدُّوكُمْ» ، وأن يتعلق ب «كَافِرِينَ» ، ويصير المعنى كالمعنى في قوله: {كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [آل عمران: ٨٦] .

قوله: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ} «كَيْفَ» كلمة تعجُّب، وهو على الله - تعالى - محال، والمراد منه التغليظ والمنع؛ لأن تلاوة آيات الله عليهم، حالاً بعد حال - مع كون الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيهم - تُزيل الشُّبَه، وتُقَرِّر الحُجج، كالمانع من وقوعهم في الكُفْر، فكان صدور الكفر عن هؤلاءِ الحاضرين للتلاوة والرسول معهم أبعد من هذا الوجه.

قال زيد من أرقم: قام فينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذات يوم خطيباً، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: «أمَّا بَعْدُ، أيُّهَا النَّاسِ، إنَّمَا أنَا بَشَرٌ، يُوشِكُ أن يَأتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي فأجِيبَه، وإنِّي تَارِكٌ فيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: أوَّلُهُمَا كتَابُ اللهِ، فِيهِ الهُدَى والنُّور، فَتَمسَّكُوا بِكِتَابِ اللهِ، وَخّذُوا بِهِ ورغب فيه ثم قال: وَاهْل بَيْتِي، أذكِّرُكُمُ اللهَ فِي أهْلِ بَيتِي» .

قوله: {وَأَنْتُمْ تتلى عَلَيْكُمْ آيَاتُ الله} جملة حالية، من فاعل: «تَكْفُرُونَ» .

وكذلك قوله: {وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} أي: كيف يُوجَد منكم الكفرُ مع وجود هاتين الحالتين؟

<<  <  ج: ص:  >  >>