للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قيل: يا رسولَ الله، وما الغراب الأعصم؟ قال «الَّذِي فِي أحدِ جَنَاحَيْه بَيَاضٌ» .

وفي الحديث: كنا مع عمرو بن العاص، فدخلنا شِعْباً، فإذا نحن بغربان، وفيهن غُرابٌ أحمرُ المنقار أحمر الرِّجلين، فقال عَمرو: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنَ النِّسَاءِ إلَاّ بِقَدْرِ هَذَا مِنَ الغِرْبَانِ» والمراد منه: التقليل.

قوله: «فقد هدي» جواب الشرط، وجيء ف يالجواب ب «قد» دلالةً على التوقُّع؛ لأن المعتصم متوقع الهداية.

والمعنى: ومن يمتنع بدينِ الله، ويتمسك بدينه، وطاعتهِ، فقد هُدِي إلى صراطِ مستقيم واضح. وفسره ابن جرير ومن يعتصم بالله أي: يؤمن بالله.

فصل

احتجوا بهذه الآية على أن فعل العبدِ مخلوق لله تعالى؛ لأنه جعل اعتصامهم هداية من الله تعالى، والمعتزلة ذكروا فيه وجوهاً:

أحدها: أن المرادَ بهذه الهداية الزيادة في الألطاف المرتبة على أداء الطاعات، كقوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتبع رِضْوَانَهُ سُبُلَ السلام} [المائدة: ١٦] وهذا اختيار القفال.

الثاني: أن التقدير: ومن يعتصم بالله فنعم ما فعل؛ فإنه إنما هُدِي إلى الصراط المستقيم، ليفعل ذلك.

الثالث: أن التقدير: ومن يعتصم بالله فقد هُدِيَ إلى طريقِ الجنة.

الرابع: قال الزَّمَخْشَرِيُّ: «فقد هدي» أي: فقد حصل له الهدى - لا محالة - كما تقول: إذا جئتَ فلاناً فقد أفلحتَ، كأن الهدى قد حصل، فهو يخبر عنه حاصِلاً؛ لأن المعتصم بالله متوقّع للهدى، كما أن قاصد الكريم متوقع للفلاح عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>