للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يعني العهود.

قيل: والسبب فيه أن الرجل كان إذا سافر خاف، فيأخذ من القبيلة عَهداً إلى الأخرى، ويُعْطَى سَهْماً وحَبْلاً، ويكون معه كالعلامة، فسُمِّيَ العهدُ حَبْلاً لذلك، وهذا المعنى غير طائل، بل سُمِّي العهد حبلاً للتوصُّل به إلى الغرض.

وقال آخر: [الكامل]

١٥٥٥ - مَا زِلْتُ مُعْتَصِماً بِحَبْلٍ مِنْكُمُ ... مَنْ حَلَّ سَاحَتَكُمْ بِأسْبَابِ نَجَا

قال القرطبي: العِصْمة: المَنَعَة، ومنه يقال للبَذْرَقة: عصمة، والبذرقة: الخفارة للقافلة، وهو من يُرسَلُ معها يحميها ممن يؤذيها، قال ابنُ خالويه: «البذرقة ليست بعربيةٍ، وإنَّما هي كلمة فارسية عرَّبتها العرب، يقال: بعث السلطان بَذْرَقَةً مع القافلة» . والحبل لفظ مشترك، وأصله - في اللغة: السبب الذي يُوصل به إلى البغية والحاجة، والحبل: المستطيل من الرمل، ومنه الحديث: «واللهَ مَا تَرَكَتُ مِنْ حَبْلٍ إلَاّ وَقَفْتُ عَلَيْه، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ» ؟ والحبل: الرَّسَن، والحبل: الداهية.

قال كثير: [الطويل]

١٥٥٦ - فَلَا تَعْجَلِي يَا عَزَّ أنْ تتفهمي ... بنُصْحٍ أتَى الوَاشُونَ أمْ بِحُبُولٍ

والحبالة: حبالة الصائد، وكلها ليس مراداً في الآية إلا الذي بمعنى العَهْد.

والمراد بالحبل - هنا -: القرآن؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث الطويل -: «هو حَبْلُ الله المتين» .

وقال ابن عباس: هو العهد المذكور في قوله: {وَأَوْفُواْ بعهدي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: ٤٠] لقوله تعالى: {إِلَاّ بِحَبْلٍ مِّنْ الله وَحَبْلٍ مِّنَ الناس} [آل عمران: ١١٢] أي: بعهد، وسُمِّيَ العَهْدُ حبلاً لما تقدم من إزالة الخوف.

وقيل: دين الله.

وقيل: طاعة الله، وقيل: هو الإخلاص.

وقيل: الجماعة؛ لأنه عقبه بقوله: {وَلَا تَفَرَّقُوا} .

وتحقيقه: أن النازل في البئر لما كان يعتصم بالحبل، تحرُّزاً من السقوط فيها، وكان كتاب الله وعهده ودينه وطاعته، وموافقة جماعة المؤمنين حِرزاً لصاحبه من السقوط في جهنم - جعل ذلك حبلاً لله، وأمروا بالاعتصام به.

<<  <  ج: ص:  >  >>