للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أموالكم مصيبةً، وأشرافكم قتلى أسلمتموه فمن الآن، فهو والله خِزْيٌ في الدنيا والآخرةِ، وإن كنتم تَرَوْنَ أنكم وافون له بما دَعوتُمُوه إليه على تهلكة الأموال، وقَتْلِ الأشْراف فخُذوه، فهو - والله - خير الدنيا والآخرة.

قالوا: فإنا نأخذه على مصيبة الأموال، وَقَتْل الأشراف، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وَفَّيْنَا؟

قال: «الجَنَّةُ» .

قالوا: ابْسُطْ يدك، فبسط يده، فبايعوه، وأول مَنْ ضَرَبَ على يده: البَرَاءُ بن معرور، ثم بايع القومُ.

قال: فلما بايعنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صرخ الشَّيْطان من أعلى رأس العَقَبة بأنفذ صوت ما سمعته قط: يا أهل الجباجب، هل لكم في مُذَمَّم والصُّبَاة معه، قد اجتمعوا على حَرْبكم، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «هَذَا عَدُوُّ اللهِ، أزَبُّ العَقَبَة، اسمعْ أيْ عَدُوَّ اللهِ - أمَا وَاللهِ لأفْرُغَنَّ لَكَ. ثم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ارْفَضُّوا إلَى رِحَالِكُمْ» .

فقال العباس بن عبادة بن نَضْلة: والذي بعثك بالحق، لئن شئتَ لنميلن غداً على أهل مِنًى بأسيافنا، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لَمْ نُؤْمَرْ بذلك، وَلِكِنْ ارْجِعُوا إلَى رِحَالِكُمْ» فرجعنا إلى مضاجعنا، فنمنا عليها، حتى أصبحنا، فلما أصبحنا، غدت علينا جُلَّةُ قريش، حتى جاءونا في منازلنا، فقالوا: يا معشرَ الخزرج، بلغنا أنكم جئتم صاحبنا هذا، تستخرجونه من بين أظْهُرنا، وتبايعونه على حَرْبِنَا، وإنه - والله - ما حي من العرب أبغض إلينا، أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم.

قال: فانبعث مَنْ هناك من مشركي قَوْمِنَا، يحلفون لهم بالله، ما كان من هذا شيء وما علمناه - وصَدَقُوا، لم يعلموا - وبعضنا ينظر إلى بَعْضٍ، وقام القوم، وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميّ - وعليه نَعْلَان جديدان - فقُلت له كلمة - كأني أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا - يا أبا جابر، أما تستطيع أن تتخذ - وأنت سيد من سادتنا - مثل نَعْلَيْ هذا الفتى من قُرَيش؟ قال فسمعها الحارثُ، فخلعهما من رِجْلَيْه، ثم رمى بهما إليَّ، وقال: والله لتنتعلنّهما.

قال: فقال أبو جابر: مَهْ والله لقد أحفظت الفتى، فاردد إليه نعليه، قال: والله لا أردُّهما، قال: والله يا أبا صالحٍ، لئن صَدَق الفال لأسلبنَّه.

قال: ثم انصرف الأنصار إلى «المدينة» - وقد شدوا العَقْد - فلما قدموها أظهر الله الإسلام بهم وبلغ ذلك قريشاً، فآذوا أصحابَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأصحابه:

«إن الله قد جعل لكم إخواناً وداراً تأمنون فيها» ، فأمرهم بالهجرة إلى «المدينة» ، واللحوق بإخوانهم من الأنصار، فأول من هاجر إلى «المدينة» : أبو سلمة بن عبد الأسد المخزوميّ، ثم عامر بن ربيعة، ثُم عبد الله بن جحش، ثم تابع أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ

<<  <  ج: ص:  >  >>