ظلمات المعاصي - حالاً فحالاً، ضعف نور الإيمان حالاً فحالاً - إلى أن بطل نور الإيمان، وحصلت ظلمة الكُفْر، وإليه أشار بقوله:{كَلَاّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}[المطففين: ١٤] ، فقوله:{ذلك بِمَا عَصَوْاْ} إشارة إلى العلة.
ولهذا المعنى قال الإمام أحمد - وقد سُئل عن تارك السنن، هل تُقْبَل شهادته؟ - قال: ذلك رجل سوء؛ لأنه إذا وقع في ترك السنن أدَّى ذلك إلى تَرْك الفرائض، وإذ وقع في تَرْك الفرائض، وقع في استحقار الشريعة، ومن ابتلي بذلك وقع في الكُفْر.
الثاني: أن يُحْمَل قوله: {كانوا يكفرون بآيات الله} على أسلافهم، وقوله:{ذلك بِمَا عَصَوْاْ} في الحاضرين في زمن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فلا يلزم التكرار، فكأنه - تعالى - بيَّن عقوبة مَنْ تقدَّم، ثم بيَّن أن المتأخر - لما تبع من تقدم - صار لأجل معصيته، وعداوته متسوجِباً لمثل عقوبتهم، حتى يظهر للخلق ما أنزل الله بالفريقين.