للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إلى شنوءة، وكثيراً ما جاء عليها الحديث، وفي القرآن مثلُها. وسيأتي تحقيقها في المائدة.

قال ابنُ عطية: وما قاله أبو أبو عبيدةَ خطأٌ مردودٌ، ولم يبيِّن وَجْهَ الخطأ، وكأنه توهم أن اسم «ليس» هو {أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ} فقط، وأنه لا محذوفَ ثَمَّ؛ إذ ليس الغرض تفاوت الأمة القائمة التالية، فإذا قُدِّر - ثَمَّ - محذوف لم يكن قول أبي عبيدةَ خطأً مردوداً إلا أن بعضهم رد قوله بأنها لغة ضعيفة وقد تقدم ما فيها. والتقدير الذي يصح به المعنى: أي: ليس سواء من أهل الكتاب أمة قائمة، موصوفة بما ذُكِرَ، وأمة كافرة، فبهذا التقدير يصح به المعنى الذي نحا إليه أبو عُبَيْدَةَ.

وقال الفرَّاءُ: إن الوقفَ لا يتم على «سَوَاءً» فجعل الواو اسم «ليس» ، و «سَوَاءً» خبرها - كما قال الجمهور - و «أمَّةٌ» مرتفعة ب «سَوَاءً» ارتفاع الفاعل، أي: ليس أهل الكتاب مستوياً، من أهل الكتاب أمة قائمة، موصوفة بما ذُكِر، وأمة كافرة، فبهذا التقدير يصح به المعنى الذي نحا إليه أبو عُبَيْدَةَ.

وقال الفرَّاءُ: إن الوقفَ لا يتم على «سَوَاءً» فجعل الواو اسم «ليس» ، و «سَوَاءً» خبرها - كما قال الجمهور - و «أمَّةٌ» مرتفعة ب «سَوَاءً» ارتفاع الفاعل، أي: ليس أهل الكتاب مستوياً، من أهل الكتاب أمة قائمة، موصوفة بما ذُكِر، وأمة كافرة، فحُذِفَت هذه الجملةُ المعادلة؛ لدلالة القسم الأول عليها؛ فإن مذهب العرب إذا ذُكِرَ أحد الضدين، أغْنَى عن ذِكر الضِّدِّ الآخَر.

قال أبو ذُؤيب: [الطويل]

١٥٧٦ - دَعَانِي إلَيْهَا الْقَلْبُ إنِّي لأمْرِهَا ... سَمِيعٌ، فَمَا أدْرِي أرُشْدٌ طِلَابُها؟

والتقدير: أم غي، فحذف الغَيّ؛ لدلالة ضِدِّه عليه.

ومثله قول الآخر: [الطويل]

١٥٧٧ - أرَاكَ، فَمَا أدْرِي أهَمٌّ هَمَمْتُهُ ... وَذُو الْهَمِّ قِدْماً خَاشِعٌ مُتَضَائِلُ

أي أهم هممته أم غيره؟ فحذف؛ للدلالة، وهو كثير.

قال الفراء: «لأن المساواة تقتضي شيئين» ، كقوله: {سَوَآءً العاكف فِيهِ والباد} [الحج: ٢٥] ، وقوله: {سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} [الجاثية: ٢١] .

وقد ضُعِّفَ قَوْلُ الفراء من حيث الحذف، ومن حيث وَضع الظاهر مَوْضِعَ المُضْمَر؛ إذ الأصل: منهم أمة قائمة، فوضع أهل الكتاب موضع المضمر.

والوجه أن يكون {لَيْسُواْ سَوَآءً} جملة تامة، وقوله: {مِّنْ أَهْلِ الكتاب أُمَّةٌ} جملة برأسها، وقوله: {يَتْلُونَ} جملة أخرى، مبينة لعدم استوائهم - كما جاءت الجملة من قوله: {تَأْمُرُونَ بالمعروف} [آل عمران: ١١٠] مبيِّنة للخيريَّةِ.

ويجوز أن يكون {يَتْلُونَ} في محل رفع، صفة ل «أمَّةٌ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>