وروى أنس بن مالك قال: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ المُشْرِكِينَ، وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَواتِيمكُمْ غريباً» .
وفسره الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ، فقال: أراد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا تستشيروا المشركين في شيء من أموركم، ولا تنقشوا في خواتيمكم محمداً.
قال الحَسَنُ: وتصديق ذلك في كتاب الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {ياأيها الذين آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ} الآية.
العلة الثالثة: قوله: {قَدْ بَدَتِ البغضآء} هذه الجملة كالتي قبلها، وقرأ عبد الله «بَدَا» - من غير تاء - لأن الفاعل مؤنَّث مجازيّ؛ ولأنها في معنى البغض، والبغضاء: مصدر - كالسراء والضراء - يقال منه: بَغُضَ الرجل، فهو بغيض، كظَرُفَ فهو ظَرِيفٌ.
قوله:{مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} متعلق ب «بَدَتْ» و «مِنْ» لابتداء الغاية، وجوَّز ابو البقاء أن يكون حالاً، أي: خارجة من أفواههم، والأفواه: جمع فَم، وأصله فوه، فلامه هاء، يدل على ذلك جمعه على أفواه، وتصغيره على «فُوَيْه» ، والنسب إليه على فوهي، وهل وزنه فَعْل - بسكون العين - أو «فَعَل» - بفتح العين -؟ خلاف للنحويين، ثم حذفوا لامه تخفيفاً، فبقي آخرهُ حرف علة، فأبدلوه ميماً؛ لقُرْبهِ منها؛ لأنهما من الشفة، وفي الميم هُوِيٌّ في الفم يضارع المد الذي في الواو.
وهذا كله إذا أفردوه عن الإضافة، فإن أضافوه لَمْ يُبْدلوا حرفَ العلة.