الرابع: أن قوله: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} إثبات كونها معدة لهم، ولا يدل على الحصر، كقوله - في الجنة:{أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران: ١٣٣] ، ولا يدل ذلك على أنه لا يدخلها سواهم من الصبيان والمجانين، والحور العين.
وخامسها: أنَّ المقصود مِنْ وَصْفها - بكونها {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} : تعظيم الزَّجْرِ؛ لأن المؤمنين مخاطبين باتقاء المعاصي، إذا علموا بأنهم متى فارقوا التقوى، دخلوا النار المعدة للكافرين، وقد تقرَّر في عقولهم عظم عقوبة الكافرين، انزجروا عن المعاصي أتَمَّ الانزجار، كما يُخوفُ الوالدُ ولدَه بأنك إن عصيتني أدخلتك دارَ السباع، ولا يدل ذلك على أن تلك الدارَ لا يدخلها غيرهم.
وهذه الآية تدل على أن النار مخلوقة في الأزل؛ لأن قوله:«أعِدَّتْ» إخبار عن الماضي، فلا بد وأن يكون ذلك الشيء دخل في الوجود.
قوله تعالى:{وَأَطِيعُواْ الله والرسول لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} لما ذكر الوعيد ذكر بعده الوعد - على عادته المستمرَّة في القرآن.
قال محمدُ بن إسحاق بن يسار: هذه الآية معاتبة للذين عَصَوْا رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، حين أمرهم بما أمرهم يوم أُحُدٍ.