قال القفال: يُحْتَمَلُ أن يكون هذا راجعاً إلى ما ذم من فعل المشركين في أكل الربا، فنهي المؤمنين عن ذلك، ونُدبوا إلى العفو عن المُعْسرين، فإنه تعال قال - عقب قصة الربا والتداين -: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠] وقال
ويُحْتَمَلُ أنْ يكون هذا بسبب غضب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، حين مَثَّلُوا بعَمِّه حمزة، وقال: لأمَثلنَّ بِهِمْ فندب إلى كَظْم هذا الغيظ.
ورُوِي عن عيسى ابن مريم أنه قال:«لَيْسَ الإحْسَانُ أنْ تُحْسِنَ إلى مَنْ أحْسَنَ إلَيْكَ، ذَاكَ مُكَافَأةٌ، إنَّما الإحْسَانُ أنْ تُحسِنَ إلى مَنْ أسَاءَ إلَيْكَ» .
ثم قال:{والله يُحِبُّ المحسنين} هذه اللام يحتمل أن تكون للجنس، فيدخل كل مُحْسن، وأن تكون للعهد، فتكون إشارة إلى هؤلاء.
وهذه الآية من أقْوَى الدلائل على أن الله - تعالى - يعفو عن العُصَاة، لأنه قد مدح الفاعلين لهذه الخصال، وأحَبَّهم، وهو أكرم الأكرمين، والعفو والغفور الحليم، والآمر بالإحسان، فكيف يمدح بهذه الأفعال، ويندب إليها، ولا يفعلها؟ إن ذلك لممتنع في العقول.