المستقبل، وهذا حقيقة التوبة، فأما الاستغفار باللسان، فلا أثر له في إزالة الذنب، بل يجب إظهار هذا الاستغفار، لإزالة التهمة.
وقوله: {لِذُنُوبِهِمْ} أي: لأجل ذنوبهم.
قوله: {وَمَنْ يَغْفِرُ} استفهام بمعنى: النفي، ولذلك وقع بعده الاستثناء.
قوله: {إلَاّ الله} بدل من الضمير المستكن في «يَغْفِرُ» ، والتقدير: لا يغفر أحد الذنوب إلا الله تعالى، والمختار - هنا - الرفع على البدل، لكَوْن الكلام غيرَ إيجاب. وقد تقدم تحقيقه عند قوله تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَاّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: ١٣٠] .
وقال أبو البقاء «مَنْ» مبتدأ، «يَغْفِرُ» خبره، و {إلَاّ الله} فاعل «يَغْفِرُ» ، أو بدل من المضمر فيه، وهو الوجه؛ لأنك إذا جعلت «اللهُ» فاعلاً، احتجْتَ إلى تقدير ضمير، أي: ومَنْ يغفر الذنوب له غير الله.
قال شهَابُ الدين: «وهذا الذي قاله - أعني: جعله الجلالة فاعلاً - يقرب من الغلط؛ فإن الاستفهام - هنا - لا يُراد به حقيقته، إنما يرادُ» النفي «، والوجه ما تقدم من كون الجلالة بدلاً من ذلك الضمير المستتر، والعائد على» من «الاستفهامية» ز
ومعنى الكلام أن المغفرة لا تُطْلب إلا من الله؛ لأنه القادر على عقاب العبد في الدنيا والآخرة، فكان هو القادر على إزالة العقاب عنه.
قوله: {وَلَمْ يُصِرُّواْ} يجوز أن تكون جملة حالية من فاعل {فاستغفروا} أي: ترتب على فعلهم الفاحش ذكر الله تعالى، والاستغفار لذنوبهم، وعدم إصرارهم عليها، وتكون الجملة من قوله: {وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلَاّ الله} - على هذين الوجهين معترضة بين المتعاطفين على الوجه الثاني، وبين الحال وذي الحال على الوجه الأول.
فصل
وأصْل الإصرار: الثبات على الشيء.
قال الحسن: إتيان العبد ذَنْباً عَمْداً إصرار، حتى يتوب.
وقال السُّدِّي: الإصرار: السكوت وتَرْك الاستغفار.
وعن أبي نُصيرة قال: لقيت مولّى لأبي بكر، فقلتُ له: أسَمِعْتَ من أبي بكر شيئاً؟