للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ليظهر» ، و «لتتبين» جرت مجرى الظاهرة، فجاز العطف عليها.

وَجَوَّز أبو البقاء أن تكون الواو زائدة، وعلى هذا، فاللام متعلقة ب (نُدَاوِلُهَا) من غير تقدير شيء، ولكن هذا لا حاجة إليه.

ولم يَجْنَحْ إلى زيادة الواو إلا الأخفش في مواضع - ليس هذا منها - ووافقه بعض الكوفيين على ذلك.

وقدَّرَه الزَّمَخْشَرِيُّ: «فعلنا ذلك ليكون كيت وكيت، وليعلم» . فقدر عاملاً، وعلق به علة محذوفة، عطف عليها هذه العلة.

قال أبو حيان: «ولم يُعَيِّن فاعل العلة المحذوفة، إنما كَنَّى عنه ب» كيت وكيت «، ولا يُكَنَّى عن الشيء حتى يُعْرَف، ففي هذا الوجه حذف العلة، وحذف عاملها، وإبهام فاعلها، فالوجه الأول أظهر؛ إذْ ليس فيه غير حذف العامل» . ويعني بالوجه الأول أنه قَدَّره: وليعلم الله فعلنا ذلك - وهو المداولة، أو نَيْل الكفار منكم -.

وقال بعضهم: «اللام المتعلقة بفعل مُضْمَر، إما بعده، أو قبلَه، أما الإضمار بعده فبتقدير: وليعلمَ الله الذين آمنوا فعلنا هذه المداولةَ، وأما الإضمار قبلَه فعلى تقدير: وتلك الأيام نداولها بين الناس لأمور: منها: ليعلم الله الذين آمنوا، ومنها: ليتخذ منكم شهداء، ومنها: ليمحص الله الذي آمنوا، ومنها: ليمحق الكافرين. فكل ذلك كالسبب والعِلَّةِ في تلك المداولة» . والعلم هنا - يجوز أن يتعدَّى لواحد، قالوا: لأنه بمعنى: عَرَفَ - وهو مشكل؛ لأنه لا يجوز وَصْف الله تعالى بذلك لما تقدم أن المعرفة تستدعي جَهْلاً بالشيء - أو أنَّها متعلقة بالذات دون الأحوال.

ويجوز أن يكون متعدياً لاثنين، فالثاني محذوف، تقديره: وليعلم الله الذين آمنوا مميزين بالإيمان من غيرهم.

والواو في قوله: {وَلِيَعْلَمَ الله} لها نظائر كثيرة في القرآن، كقوله: {وَلِيَكُونَ مِنَ الموقنين} [الأنعام: ٧٥] وقوله: {ولتصغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الذين لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: ١١٣] .

فصل

تقدير الكلام: وتلك الأيام نداولها بين الناس، ليكون كيت وكيت، وليعلم الله، وإنما حُذِف المعطوف عليه، للإيذان بأن المصلحة في هذه المداولة ليست بواحدة؛ ليُسَلِّيَهم عما جرى، ليُعَرِّفَهم تلك الواقعة، وأن شأنهم فيها فيه من وجوه المصالح ما لو عرفوه لسرَّهم.

فإن قيل: ظاهر قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الله الذين آمَنُواْ} مُشْعِر بأنه - تعالى - إنما فعل تلك المداولة، ليكتسِبَ هذا العلم، وذلك في حقه تعالى محال، ونظير هذه الآية -

<<  <  ج: ص:  >  >>