للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَلَمَّا يَعْلَمِ الله} جملة حالية.

قال الزَّمَخْشَرِي: «و» لما «بمعنى» لم «، إلا أنَّ فيه ضرباً من التوقُّع، فدلَّ على نفي الجهاد فيما مضى، وعلى توقُّعه فيما يستقبل، وتقول: وعدتني أن تفعل كذا ولمَّا، تريد: ولم تفعل، وأنا أتوقَّع فِعْلَه» .

قال أبو حيان: «وهذا الذي قاله في» لما «- من أنها تدل على توقُّع الفعل المنفي بها فيما يستقبل - لا أعلم أحداً من النحويين ذكره، بل ذكروا أنك إذا قلت: لما يخرج زيد، دل ذلك على انتفاء الخروج فيما مضى، متصلاً نفيه إلى وقت الاخبار، أما أنها تدل على توقُّعه في المستقبل فلا، لكنني وجدت في كلام الفراء شيئاً يُقارب ما قاله الزمخشري، قال:» لما «لتعريض الوجود بخلاف» لم «.

قال شِهَابُ الدين: والنحاة إنما فرَّقوا بينهما من جهة أن المنفي ب «لَمْ» هو فعل غير مقرون ب «قد» ، والمنفي ب «لما» فعل مقرون بها، و «قد» تدل على التوقُّع، فيكون كلام الزمخشري صحيحاً من هذه الجهة، ويدل على ما قلته - من كون «لم» لنفي فعل فلان، و «لما» لنفي قد فعل - نصُّ سيبويه فمن دونه.

قال الزجاج إذا قيل فعل فلان، فجوابه: لم يفعل، وإذا قيل: قد فعل فلان، فجوابه لما يفعل؛ لأنه لما أُكِّد في جانب الثبوت ب «قد» لا جرم أنه أكد في جانب النفي بكلمة «لما» ، وقد تقدم نظير هذه الآية في «البقرة» وظاهر الآية يدل على وقوع النفي على العلم، والمراد: وقوعه على نفي المعلوم، والتقدير: أم حسبتم أن تدخلوا الجنةَ، ولمَّا يصدر الجهادُ عنكم؟

وتقريره: أن العلم متعلق بالمعلوم، كما هو عليه، فلما حَصَلَتْ هذه المطابقة - لا جرم - حَسُن إقامة كلِّ واحدٍ منهما مقامَ الآخر.

فصل

قال القرطبيّ: والمعنى: أحسبتم يا من انهزم يوم أحد أن تدخلوا الجنة، كما دخل الذين قُتِلوا، وصبروا على ألم الجراح والقتل، من غير أن تسلكوا طريقهم، وتصبروا صَبْرَهم؟ لا؛ حتَّى يعلم الله الذين جاهدوا منكم، أي: علم شهادة، حتى يقع عليه الجزاء، والمعنى: ولم تجاهدوا، فيعلم ذلك منكم، ف «لما» بمعنى: «لم» .

قوله: «مِنْكُمْ» حال من «الَّذِينَ» .

وقرأ العامة {وَلَمَّا يَعْلَمِ الله} بكسر الميم - على أصل التقاء الساكنين.

وقرأ النخعي وابن وثاب بفتحها، وفيها وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>