قال أبُو حَيَّانَ:«ولا يصح ما قال؛ لأن واو الحال لا تدخل على المضارع، لا يجوز: جاء زيد ويضحك - تريد: جاء زيد يضحك، لأن المضارع واقع موقع اسم الفاعل، فكما لا يجوز: جاء زيد وضاحكاً، كذلك لا يجوز: جاء زيد ويضحك فإن أولَ على أن المضارع خبر لمبتدأ محذوف، أمكن ذلك، التقدير: وهو يعلم الصابرين.
قال شهابُ الدين:«قوله: لا تدخل على المضارع، هذا ليس على إطلاقه، بل ينبغي أن يقول: على المضارع المثبت، أو المنفي ب» لا «؛ لأنها تدخل على المضارع المنفي ب» لم ولمَّا «. وقد عُرِف ذلك مراراً» .
ومعنى الآية: أن دخول الجنة، وترك المصابرة على الجهاد مما لا يجتمعان.
قوله تعالى:{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الموت} قرأ البزي: بتشديد تاء «تَمَنَّوْنَ» ، ولا يمكن ذلك إلا في الوصل، وقاعدته: أنه يصل ميم الجمع بواو، وقد تقدم تحرير هذا عند قوله تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُواْ الخبيث مِنْهُ تُنْفِقُونَ}[البقرة: ٢٦٧] .
قوله:«مِن قَبْلِ» الجمهور على كسر اللام؛ لأنها مُعْربة؛ لإضافتها إلى «أنْ» وصلتها.
وقرأ مجاهد وابنُ جبير:{مِنْ قَبْلُ} بضم اللام، وقطعها عن الإضافة، كقوله تعالى:{لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ}[الروم: ٤] وعلى هذا فَ «أنْ» وَصِلَتُها بدل اشتمال من «الْمَوْتَ» في محل نصب، أي: تَمَنَّوْنَ لقاء الموت، كقولك: رَهِبْتُ العَجُوَّ لقاءَه، والضمير في «تَلْقَوْهُ» فيه وجهان:
أظهرهما: عوده على «الْمَوْتَ» .
والثاني: عوده على العدو، وإن لم يجر له ذِكْر - لدلالة الحال عليه.
وقرأ الزُّهَرِيُّ، والنخعيّ «تُلَاقُوه» ، ومعناه معنى «تَلْقَوْه» ؛ لأن «لقي» يستدعي أن يكون بين اثنين - بمادته - وإن لم يكن على المفاعلة.