وتأول الجمهورُ هذه الشواهدَ على أنَّ الخبر محذوف، وهذا المنصوب مَعْمُولٌ لذلك الخبر المحذوفِ، والتقدير: وما الدَّهر إلا يدور دورانَ منجنونٍ، فحُذف الفعلُ الناصبُ لِ «دَوَرَانَ» ثم حُذِفَ المضافُ، وأقيمَ المضافُ إليه مقامه في الإعراب، وكذا:«إلا مُعَذَّباً» تقديره: يُعَذَّبُ تعذيباً، فحُذِف الفعلُ، وأقيم «معذَّباً» مقام «تَعْذِيب» ، كقوله تعالى:{وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}[سبأ: ١٩] أي: كل تمزيق. وكذا:«إلا نَكَالاً» ، وفيه من التكلُّف ما ترى.
و «مُحَمَّدٌ» هو المستغرق لجميع المحامد؛ لأن الحَمْد لا يستوجبه إلا الكامل، والتحميد فوق الحمد، فلا يستحقه إلا المُسْتَوْلي على الأمَد في الكمال. وأكرم الله نبيه باسمين مشتقَّيْن من اسمه - جل جلاله - وهما محمد وأحمد.
قال أهل اللغة: كل جامع لصفات الخير يُسَمَّى «محمدا» .
قوله:{قَدْ خَلَتْ} في هذه الجملة وجهان:
أظهرهما: أنها في محل رفع؛ صفة لِ «رَسُولٌ» .
الثاني: أنها في محل نصب على الحال من الضمي رالمستكن في «رَسُولٌ» ، وفيه نظر؛ لجريان هذه الصفة مجرى الجوامد، فلا تتحمل ضميراً.
قوله:«من قبله» فيه وجهان - أيضاً -:
أظهرهما: أنه معلق ب «خلت» .
والثاني: أنه متعلق بمحذوفٍ؛ حال من «الرُّسُلُ» مقدَّماً عليها، وهي - حينئذ - حال مؤكِّدة؛ لأن ذِكْرَ الخُلُوِّ مُشْعِرٌ بالقَبْلِيَّة.