فالجواب: أن المراد: أنه سَوَاءً وقع هذا أو ذاك، فلا تأثير له في ضَعْف الدين ووجوب الارتداد.
فصل
قوله:{انقلبتم على أَعْقَابِكُمْ} أي: صرتم كُفاراً بعد إيمانكم، يقال لكل من عاد إلى ما كان عليه: رجع وراءه، فانقلب على عقبه، ونكص على عقبيه، وذلك أن المنافقين قالوا لضَعَفَةِ المسلمين: إن كان محمد قد قُتِل فالحقوا بدينكم، فقال بعض الأنصار إن كان محمد قد قُتِل فالحقوا بدينكم، فقال بعض الأنصار إن كان محمد قد قُتِل، فإن رَبَّ محمد لم يُقْتَل، فقاتِلوا على ما قاتل عليه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
فقد بيَّن - تعالى - أن قتله لا يوجب ضعفاً في دينه بدليلين:
أحدهما: القياس على موت سائر الأنبياء.
والثاني: أن الحَاجَةَ إلى الرسول إنما هي لتبليغ الدين، وبعد ذلك لا حَاجَة إليه، فلم يلزم من قَتْلِه فَسَادُ الدين.
قوله
: {على
أَعْقَابِكُمْ
} فيه وجهان:
أظهرهما: أنه متعلق ب «انْقَلَبْتُمْ» .
والثاني: أنه حال من فاعل «انْقَلَبْتُمْ» ، كأنه قيل: انقلبتم راجعين.
قوله:{وَمَن يَنقَلِبْ على عَقِبَيْهِ} .
قرأ ابنُ أبي إسحاق «على عقبه» - بالإفراد، و «شَيْئاً» نصب على المصدر أي: شيئاً من الضرر، لا قليلاً ولا كثيراً. والمراد منه: تأكيد الوعيد، وأن المنقلب بارتداده لا يضر الله شيئاً، وإنما يضر نفسه.
ثم قال:{وَسَيَجْزِي الله الشاكرين} والمعنى: أن تلك الهزيمة لما أوقعَتْ شُبْهَةً في قلوب بعضهم، ولم تقع في قلوب العلماء الأقوياء من المؤمنين، فهم شكروا الله على ثباتهم على الإيمان وشدة تمسكهم به فمدحهم الله تعالى.
رَوَى ابنُ جرير الطَّبَرِيُّ عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أنه قال المراد بقوله تعالى:{وَسَيَجْزِي الله الشاكرين} : أبو بكر وأصحابه. وروى عنه أيضاً أنه قال: أبو بكر أمين الشاكرين، وأمين الله تعالى.