والثالث: أنه منصوب على الإغراء، والتقدير: الزموا كتاباً مؤجَّلاً، وآمنوا بالقدر، وليس المعنى على ذلك.
وقرأ ورش:«مُوجَّلاً» بالواو بدل الهمزة، وهو قياس تخفيفها.
فصل
الكتاب المؤجَّل هو الكتاب المشتمل على الآجال، ويقال: إنه اللوح المحفوظ، أي: كتب لكل نفس أجلاً لا يقدر أحدٌ على تقديمه وتأخيره، جاء في الحديث أنه تعالى قال للقلم: اكتب، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.
فصل
قال القاضِي: أما الأجل والرزق، فهما مضافان إلى الله تعالى، وأمَّا الكُفْرُ والفِسْقُ والإيمان والطاعة، فكل ذلك مضاف إلى العبد، فإذا كتب الله ذلك، فإنما يكتب ما يعلمه من اختيار العبد وذلك لا يُخْرج العبد عن الاختيار.
وجوابه: أنه إذا علم الله من العبد الكفر، وكتب في اللوح المحفوظ منه الكفر، فلو أتَى بالإيمان كان ذلك جمعاً بين المتنافيين؛ لأن العلم بالكفر، والخبر والصدق عن الكفر - مع عدم الكفر - جمع بين النقيضين، وهو محال، وهذا موضِعُ الإلزام.
فصل
قال المفسرون: أجل الموت هو الوقت الذي في معلوم الله - تعالى - أن روح الحيِّ تفارق جيده فيه، ومتى قُتِل العبدُ علمنا أن ذلك أجله، ولا يصح أن يقال: لو لم يُقْتَل لعاش، بدليل قوله تعالى:{كِتَاباً مُّؤَجَّلاً}[آل عمران: ١٤٥] ، وقوله:{إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}[يونس: ٤٩] وقوله: {إِنَّ أَجَلَ الله إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُ}[نوح: ٤] ، وقوله:{لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ}[الرعد: ٣٨] .
والمعتزليّ يقول: يتقدَّم الأجل ويتأخّر، وأن مَنْ قُتِل فإنما يهلك قبل أجله، وكذلك كل ما ذبح من الحيوان كان هلاكه قبل أجله، لأنه يجب على القاتل الضمان والدِّيَة، وهذه الآية رَدٌّ عليهم.
قوله:{وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدنيا} مبتدأ، وهي شرطية. وفي خبر هذا المبتدأ الخلاف