أحدها: أنه «استفعل» من الكَوْن - والكَوْن: الذُّلّ - وأصله: استكون، فنُقِلَتْ حركة الواو على الكافِ، ثم قُلِبَت الواو ألفاً.
وقال الأزهريُّ وأبو علي: هو من قول العربِ: بَاتَ فُلان بكَيْنَةِ سوء - على وزن جَفْنَة - أي: بحالة سوء، فألفه - على هذا من ياء، والأصل: استكْيَن، ففُعِل بالياء ما فُعِل بأختها. [وهو القول الثاني] .
الثالث: قال الفرّاء: وزنة «افتعل» من السكون، وإنما أُشْبِعَت الفتحة، فتولَّد منها ألف.
ورُدَّ على الفرّاء بأن هذه الألف ثابتة في جميع تصاريف الكلمةِ، نحو: استكان، يستكين، فهو مستكينٌ ومُستكان إليه استكانةً. وبأنَّ الإشباعَ لا يكون إلا في ضرورةٍ.
وكلاهما لا يلزمه؛ أما الإشباع فواقع في القراءات - السبع - كما سيأتي -.
وأما ثبوت الألف في تصاريف الكلمةِ فلا يدلُّ - أيضاً - لأن الزائدَ قد يَلْزَم؛ ألا ترى أنَّ الميم - في تَمَنْدَل وتَمَدْرَع - زائدة، ومع ذلك ثابتة في جميع تصاريفِ الكلمة، قالوا: تَمَنْدَلَ، يَتَمَنْدَلُ، تَمَنْدُلاً، فهو مُتَمَنْدِل، ومُتَمَنْدَل به. وكذلك تَمَدْرَع، وهما من الندل والدرع.
وعبارة أبي البقاءِ أحسن في الرَّدِّ؛ فإنه قال:«لأن الكلمة ثبتت عينها في جميع تصاريفها تقول: استكان، يستكين، استكانة، فهو مستكين، ومُسْتكان له والإشباع لا يكون على هذا الحد» .
ولم يذكر متعلق الاستكانة والضعف - فلم يَقُلْ: فما ضَعُفُوا عن كذا، وما استكانوا لكذا - للعلم، أو للاقتصار على الفعلين - نحو {كُلُواْ واشربوا}[الحاقة: ٢٤] ليعم كُلَّ ما يصلح لهما.