للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يعرِّج - قيل: لن يلوي، ثم استعمل في ترك التعريجِ على الشيء وترك الالتفاتِ إليه، يقال: فلانٌ لا يلوي على كذا أي: لا يلتف إليه، وأصل {تَلْوُونَ} تلويون، فَأعِلَّ بحذفِ اللام، وقد تقدم في قوله: {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ} [آل عمران: ٧٨] وقرأ الأعمشُ، وأبو بكر بنُ عَيَّاشٍ - ورويت عن عاصم «تُلوون» بضم التاء - من ألوى وهي لغةٌ في لوى.

وقرأ الحسن «تَلُون» بضم التاء - من ألوى وهي لغةٌ في لوى.

وقرأ الحسن «تَلُون» - بواو واحدة - وخرجوها على أنه أبدل الواو همزةً، ثم نقل حركة الهمزة على اللام، ثم حذف الهمزة، على القاعدة، فلم يبق من الكلمة إلا الفاء - وهي اللام - وقال ابنُ عطيةَ: «وحذفت إحدى الواوين للساكنين، وكان قد تقدم أن هذه القراءة هي قراءة مركبةٌ على لغة من يهمز الواوَ، وينقل الحركة» .

وهذا عجيبٌ، بعد أن يجعلها من باب نقل حركةِ الهمزةِ، كيف يعودُ ويقول: حذفت إحدى الواوين للساكنين؟ ويُمكن تخريجُ هذه القراءة على وجعين آخرينِ:

أحدهما: أن يقالَ: استُثقلت الضمةُ على الواو؛ لأنها أختها، فكأنه اجتمع ثلاثُ واواتٍ، فنُقِلت الضمةُ إلى اللامِ، فالتقى ساكنانِ - الواو التي هي عينُ الكلمةِ، والواو التي هي ضميرٌ - فحُذفت الأولى؛ لالتقاء الساكنين، ولو قال ابن عطيةَ هكذا لكان أولى.

الثاني: أن يكون «تَلُونَ» مضارع وَلِي - من الولاية - وإنما عُدِّي ب «على» لأنه ضُمِّن معنى العطف. وقرأ حُميد بن قيس: «على أُحُدٍ» - بضمتين - يريد الجَبَل، والمعنى: ولا تلوون على مَنْ فِي جبل أُحُد، وهو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال ابن عطية: والقراءة الشهيرة أقْوى؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يكن على الجبل إلا بعدما فَرَّ الناسُ عنه، وهذه الحالُ - من إصعادهم - إنما كانت وهو يدعوهم.

ومعنى الآيةِ: تعرجون، ولا يلتفت بعضٌ إلى بعضٍ.

قوله: «والرسول يدعوكم» ، مبتدأ وخبر في محل نصب على الحالِ، العامل فيها «تلوون» .

أي: والرسول يدعوكم في أخراكم ومن ورائكم، يقول: «إليَّ عِبَاد َالله؛ فأنا رسولُ اللهِ، من يكر فله الجنَّةُ» .

ويحتمل أنه كان يدعوكم إلى نفسه، حتى تجتمعوا عنده، ولا تتفرقوا. و «أخراهم» آخر الناس كما يقال في أولهم، ويقال: جاء فلانٌ في أخريات الناس.

قوله: {فَأَثَابَكُمْ} فيه وجهان:

أحدهما: أنه معطوف على «تصعدون» و «تلوون» ، ولا يضر كونهما مضارعين؛

<<  <  ج: ص:  >  >>