للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

و «طائفة» مبتدأ، والخبر {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} وجاز الابتداء بالنكرة لأحدِ شيئين: إما للاعتمادِ على واو الحالِ، وقد عده بعضهم مسوغاً - وإن كان الأكثرُ لم يذكره -.

وأنشدوا: [الطويل]

١٦٦٩ - سَرَيْنَا وَنَجْمٌ قَدْ أضَاءَ فَمُذْ بَدَا ... مُحَيَّاكِ أخْفَى ضَوْءهُ كُلَّ شَارِقِ

وإما لأن الموضعَ تفسيلٌ؛ فإن المعنى: يغشى طائفةً، وطائفة لم يغشهم.

فهو كقوله:

١٦٧٠ - إذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ ... بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لَمْ يُحَولِ

ولو قُرِئ بنصب «طَائِفَة» - على أن تكون المسألةُ من باب الاشتغالِ - لم يكن ممتنعاً إلا من جهة النقلِ؛ فإنه لم يُحْفظ قراءة، وفي خبر هذا المبتدأ أربعة أوجهٍ:

أحدها: أنه {أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} كما تقدم.

الثاني: أنه «يَظُنُّونَ» والجملة قبله صفة لِ «طَائِفَة» .

الثالث: أنه محذوفٌ، أي: ومنكم طائفة وهذا يُقَوِّي أنَّ معناه التفصيل، والجملتان صفة لِ «طَائِفَةٌ» أو يكون «يَظُنُّونَ» حالاً من مفعول «أهَمَّتْهُمْ» أو من «طَائِفَةٌ» لتخصُّصه بالوَصْف، أو خبراً بعد خبر إن قلنا: {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ} خر أول. وفيه من الخلاف ما تقدم.

الرابع: أن الخبر {يَقُولُونَ} والجملتان قبله على ما تقدّم من كونهما صفتين، أو خبرين، أو إحداهما خبر، والأخْرَى حالٌ.

ويجوز أن يكون {يَقُولُونَ} صفة أو حالاً - أيضاً - إن قلنا: إن الخبرَ هو الجملة التي قبله، أو قلنا: إن الخبر مُضْمَرٌ.

قوله: {يَظُنُّونَ} له مفعولان، فقال أبو البقاءِ: {غَيْرَ الحق} المفعولُ الأولُ، أي أمراً غير الحق، و «باللهِ» هو المفعول الثاني.

وقال الزمخشريُّ: {غَيْرَ الحق} في حكم المصدر، ومعناه: يظنون باللهِ غير الظن الحق الذي يجب أي يُظَنَّ به. و {ظَنَّ الجاهلية} بدل منه.

ويجوز أن يكون المعنى: يظنون بالله ظن الجاهلية و {غَيْرَ الحق} تأكيداً لِ {يَظُنُّونَ} كقولك: هذا القول غير ما يقول.

فعلى ما قال لا يتعدى «ظن» إلى مفعولين، بل تكون الباء ظرفية، كقولك: ظننت

<<  <  ج: ص:  >  >>