قال القاضي: والقربُ أن ذلك الذنب كان من الصغائر، لوجهين:
أحدهما: أنه لال يكاد - في الكبائر - يقال:[إنها زَلَّة] ، إنما يقال ذلك في الصغائر.
الثاني: ان القوم ظنوا أنَّ الهزيمةَ لما وقعت على المشركين، لم يَبْقَ إلى ثباتهم في ذلك المكانِ حاجة فلا جرم - انقلبوا عنه، وتحوَّلوا لطلب الغنيمة، ومثل هذا لا يبعد أن يكون من باب الصغائر لأن للاجتهاد في مثله مَدْخَلاً.
قال ابنُ الخَطِيبِ: وهذه تكلُّفات لا حاجة إليها، وقد بينَّا كونها من الكبائر، والاجتهاد لا مدخل له مع النص الصريح بلزوم المركز، سواء كانت الغلبة لهم، أو عليهم.
ثم قال:{إِنَّ الله غَفُورٌ حَلِيمٌ} أي {غَفُورٌ} لمن تاب، {حَلِيمٌ} لا يعجل بالعقوبة، وهذا يدل على أن ذلك الذنب كان من الكبائر؛ لأن لو كان من الصغائر لوجب ان يعفو عنه - على قول المعتزلة - ولو كان العفو واجباً لما حَسُنَ التمدُّح به؛ لأن من يظلم إنساناً لا يحسُن ان يتمدّح بأنه عفا عنه، وغفر له.