واختلفوا في {الَّذِينَ كَفَرُواْ} فقيل: هل هو كافر يقول هكذا.
وقيل: إنه مخصوصٌ بالمنافقين؛ لأن هذه الآيات في شرح أحوالهم.
وقيل: مختصة بعبد الله بن أبيّ ابن مسلول ومعتب بن قُشَير، وسائر أصحابهما.
قوله:{لإِخْوَانِهِمْ} قال الزمخشريُّ: «لأجل إخوانكم» . وهذا يدل على أن أولئك الإخوان كانوا مَيِّتين عند هذا القول ويُحْتمل ان يكونَ المراد منه الأخوة في النسب، كقوله تعالى:{وإلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً}[الأعراف: ٦٥] ويكون المقتولون من المسلمين كانوا من أقارب المنافقين، فقال المنافقونَ هذا الكلام، بعد أن قُتِلَ بعضهم في بعض الغزوات.
قوله:{إِذَا ضَرَبُواْ}«إذا» ظرف مستقبل، فلذلك اضطربت أقوالُ المعربين - هنا - من حيثُ إن العامل فيها {قَالُواْ} - وهو ماضٍ - فقال الزمخشريُّ:«فإن قُلْتَ: كيف قيل: {إِذَا ضَرَبُواْ} مع» قالوا «؟ قلت: هو حكاية حال ماضية، كقولك: حين يضربون في الأرض» .
وقال أبو البقاء بعد قول قريب من قول الزمخشريِّ:«ويجوز أن يكون {كَفَرُواْ} و {قَالُواْ} ماضيين، يُراد بهما المستقبل المحكي به الحال فعلى هذا يكون التقدير: يكفرون، ويقولون لإخوانهم» . انتهى.
ففي كلا الوجهين حكاية حال، لكن في الأول حكاية حال ماضية، وفي الثاني مستقبلة، وهو - من هذه الحيثية - كقوله تعالى:{حتى يَقُولَ الرسول والذين آمَنُواْ مَعَهُ}[البقرة: ٢١٤] . ويجوز أن يراد بها الاستقبال، لا على سبيل الحكاية، بل لوقوعه صلة لموصول، وقد نصَّ بعضهم على أن الماضي - إذا وقع صلة لموصول - صلح للاستقبال، كقوله:{إِلَاّ الذين تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ}[المائدة: ٣٤] . وإلى هذا نحا ابنُ عطيةَ، وقال:«دخلت» إذا «وهي حرفُ استقبالٍ - من حيثُ» الذين «اسم فيه إبهام، يعم مَنْ قال في الماضي، ومَنْ يقول في الاستقبال، ومن حيثُ هذه النازلة تتصور في مستقبل الزمان» يعني: فتكون حكاية حالٍ مستقبلة.
قال ابن الخَطِيبِ: إنما عَبَّرَ عن المستقبل بلفظ الماضي لفائدتين:
إحداهما: أن الشيء الذي يكون لازم الحصول في المستقبل، قد يُعَبَّر عنه بأنه حَدَث، أو هو حادث، قال تعالى:{أتى أَمْرُ الله}[النحل: ١] وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ}[الزمر: ٣٠] فهنا لو وقع التعبير عنه بلفظ المستقبل لم يكن فيه ذلك المعنى، فلما وقع