ورُوِيَ - من طريق آخرَ - عن ابن عباسٍ: أن أشراف الناس طمعوا أن يخصهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الغنائم بشيء زائد، فنزلت الآية.
ورُوِيَ أنه بعض طلائع، فغنموا غنائم، فقسمها ولم يُقسَّم للطلائع، فنزلت الآيةُ.
وقال الكلبيُّ ومقاتل: نزلت هذه الآيةُ في غنائم أحدٍ، حين ترك الرُّماة المركز؛ طلباً للغنيمة، وقالوا: نخشى أن يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: مَنْ أخذ شيئاً فهو له، وأن لا يقسم الغنائم - كما لم يقسِّمْها يوم بدرٍ - فتركوا المركز ووقعوا في الغنائم، فقال لهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«ألم أقل لكم أن لا تتركوا المركز حتى يأتيهم أمري؟» قالوا: تركنا بقية إخوانِنا وقوفاً، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«بل ظننتم أن نَغُلَّ، فلا نقسم،» فنزلت الآية.
وقيل: إن الأقرباء ألحُّوا عليه يسألونه من المَغْنَم، فأنزل الله تعالى:{وَمَن يَغْلُلْ} فيُعْطي قوماً، ويمنع آخرين، بل عليه أن يقسم بينهم بالسَّوِيَّةِ.
هذه الأقوال موافقة للقراءة الأولى.
وأما ما يوافق القراءة الثانية فرُوِيَ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما وقعت غنائمُ هوازن في يده يوم حُنَيْن، غَلَّ رَجُلٌ بمخيط، فنزلت هذه الآيةُ.
وقال قتادة: ذكر لنا أنها نزلت في طائفة غلت من أصحابه.
قوله:{وَمَن يَغْلُلْ} الظاهر أن هذه الجملة الشرطية مستأنفةٌ لا محل لها من الإعرابِ، وإنما هي للردع عن الإغلالِ، وزعم أبو البقاء أنها يجوز أن تكون حالاً، ويكون التقدير: في حال علم الغالِّ بعقوبة الغلول.
وهذا - وإن كان محتملاً - بعيدٌ.
و «ما» موصولة بمعنى الذي، فالعائد محذوف أي: غَلَّه، ويدل على ذلك الحديث، أنّ أحدهم يأتي بالشيء الذي أخذه على رقبته.
ويجوز أن تكون مصدرية، ويكون على حذف مضاف، أي: بإثم غُلوله.