للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فيكون عطفاً على «فرحين» كأنه قيل: فرحين ومُسْتَبْشِرِين، ونظَّروه بقوله تعالى: {فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} [الملك: ١٩] .

الثاني: أنه - أيضاً - يكون من باب عطف الفعل على الاسم، ولكن لا لأن الاسم في تأويل الفعل، قال أبو البقاء هو معطوف على «فرحين» لأن اسم الفاعل - هنا - يُشْبه الفعل المضارع يعني أن «فرحين» بمنزلة يفرحون، وكأنه جعله من باب قوله: {إِنَّ المصدقين والمصدقات وَأَقْرَضُواْ الله} [الحديد: ١٨] والتقديرُ الأولُ أولى، لأن الاسم - وهو «فرحين» لا ضرورة بنا إلى أن نجعله في محل رفع فعل مضارع - حتى يتأول الاسم به - والفعل فَرْع فينبغي أن يُرَدَّ إليه.

وإنما فعلنا ذلك في الآية؛ لأن «أل» الموصولة بمعنى: الذي و «الذي» لا يُوصَل إلا بجملة أو شبهها، وذلك الشبهُ - في الحقيقة - يتأول بجملة.

الثالث: أن يكون مُستأنفاً، والواو للعطف، عطفت فعلية على اسمية.

الرابع: أن يكون خبراً لمبتدأ محذوفٍ، أي: وهم يستبشرون، وحينئذٍ يجوز وجهان:

أحدهما: أن تكون الجملة حاليةً من الضمير المستكن في «فرحين» أو من العائد المحذوف من «آتاهم» وإنما احتجنا إلى تقدير مبتدأ عند جعلنا إياها حالاً؛ لأن المضارعَ المثبت لا يجوز اقترانه بواو الحال لما تقدم مراراً.

الثاني من هذين الوجهين: ان تكون استئنافية، عطف جملة اسمية على مثلها.

و «استفعل» - هنا - ليست للطلب، بل تكون بمعنى المجرد، نحو: استغنى الله - بمعنى: غَنِيَ، وقد سُمِع بَشِر الرجل - بكسر العين - فيكون استبشر بمعناه، قاله ابنُ عطية. ويجوز أن يكون مطاوع أبشَرَ، نحو: أكانَهُ فاستكان، وأراحه فاستراح، وأشلاه فاستشلى، وأحكمَه فاستحكم - وهو كثيرٌ - وجعله أبو حيّان أظهر؛ من حيث إن المطاوعَة تدل على الاستفعال عن الغيرِ، فحصلت لهم البُشرى بإبشار الله تعالى، وهذا لا يلزم إذَا كان بمعنى المجردِ.

قوله: {مِّنْ خَلْفِهِمْ} في هذا الجارّ وجهان:

أحدهما: أنه متعلق ب «لم يلحقوا» على معنى أنهم قد بَقُوا بَعْدَهم، وهم قد تقدموهم.

الثاني: أن يكون متعلقاً بمحذوفٍ على أنه حال من فعل «لم يلحقوا» على معنى أنهم قد بَقُوا بَعْدَهم، وهم قد تقدموهم.

الثاني: أن يكون متعلقاً بمحذوفٍ على أنه حال من فاعل «يلحقوا بهم» ، أي: لم يلحقوا بهم حال كونهم متخلِّفين عنهم - أي: في الحياة -.

فصل

معنى الكلام: ويستبشرون: ويفرحون بالذين لم يلحقوا بهم، من إخوانهم الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>