ويؤيدُ كونها الاستئناف قراءةُ عبد الله ومصحفُه: والله لا يضيع، وقرأ باقي السبعةِ بالفتحِ؛ عَطْفاً على قوله:«بنعمة» لأنها بتأويل مصدر، أي: يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضل منه وعدم إضاعةِ الله أجْرَ المؤمنين.
فإن قيل: لم قال: «يستبشرون» من غير عطف؟
فالجوابُ فيه أوجهٌ:
أحدها: أنه استئنافٌ متعلِّقٌ بهم أنفسهم، دون «الذين لم يلحقوا بهم» لاختلافِ متعلِّقٍ البشارتين.
الثاني: أنه تأكيدٌ الأولِ؛ لأنه قصد بالنعمة والفضل مُتَعَلِّقِ الاستبشارِ الأولِ، وإليهِ ذَهَبَ الزمخشري.
الثالثُ: انه بدلٌ من الفعل الأول، ومعنى كونه بدلاً: أنه لما كان متعلقه بياناً لمتعلق الأول حَسُن أن يقال: بدل منه، وإلا فكيف يبدل فعلٌ من فعل موافقٍ له لفظاً ومعنًى؟ وهذا في المعنى يئول إلى وجه التأكيد.
الرابعُ: أنه حال من فاعل «يحزنون» و «يحزنون» عاملٌ فيه، أي: ولا هم يحزنون حال كونهم مستبشرين بنعمة. وهو بعيدٌ، لوجهين:
أحدهما: أن الظاهر اختلافُ مَنْ نفي عنه الحُزْن ومن استبشرَ.
الثاني: أن نفي الحزن ليس مقيَّداً ليكون أبلغ في البشارة، والحال قَيْدٌ فيه، فيفوت هذا المعنى.
فصل
والمقصودُ - من هذا الكلام - أن أيصال الثواب العظيم إلى الشهداء ليس مخصوصاً بهم، بل كل مؤمنٍ يستحق شيئاً من الأجر والثوابِ، فإن الله تعالى يوصِّل ثوابه إليه، ولا يُضيعه.