ما تقدم من كون «لَهُمْ» هو الخبر، ويكون «لأَنْفُسِهِمْ» في محل نصب؛ صفة ل «خَيْرٌ» - كما كان صفة له في قراءة الجمهور.
ونقل - أيضاً - قراءة كسر «أن» وهي قراءة يحيى، وخرجها على أنها جواب قسم محذوف، والقسم وجوابه يسد مَسَدَّ المفعولينِ، ولا حاجة إلى ذلك، بل تخريجها على ما تقدم أَوْلَى؛ لأن الأصل عدم الحذفِ.
والإملاء: الأمهالُ والمَدُّ في العمرِ ومنه مَلَاوَةُ الدهر - للمدة الطويلة - يقال: مَلَوْتُ من الدهر مَلْوَةً ومِلْوَةً ومُلْوَةً ومَلاوةً ومِلَاوَةً ومُلَاوَةً بمعنىً واحد.
قال الأصمعيُّ: يقال أملى عليه الزمان - أي: طال - وأملى له - أي: طوَّل له وأمهله - قال أبو عبيدة: ومه: الملا - للأرض الواسعة - والمَلَوَان: الليل والنهار، وقولهم: مَلَاّكَ الله بِنعَمِه أي: مَنَحَكَها عُمْراً طَوِيلاً -.
وقيل: المَلَوَانِ: تكرُّر الليل والنهار وامتدادُهما، بدليلِ إضافتهما إليهما في قول الشّاعرِ:[الطويل]
فلو كانا الليلَ والنَّهارِ لما أُضِيف إليهما؛ إذ الشيءُ لا يُضاف إلى نفسه. فقوله:«أنما نملي لهم» أصل الياء واوٌ، ثم قُلِبَت لوقوعها رابعة.
قوله:{إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليزدادوا إِثْمَاً} قد تقدم أن يحيى بن وثَّاب قرأ بكسر الأولى وفتح هذا فيما نقله الزمخشريُّ وتقدم تخريجُها، إلا أن أبا حيّان قال: إنه لم يَحْكِها عنه غير الزمخشريِّ بل الَّذِينَ نقلوا قراءةَ يحيى إنما نقلوا كسر الأولى فقط، قال: وإنما الزمخشريُّ - لولوعه بنْصرة مذهبه - يروم رد كل شيء إليه.
قل شهابُ الدِّينِ: وهذا تحامُلٌ عليه؛ لأنه ثقةٌ، لا ينقل ما لم يُرْوَ. وأما على قراءة كسرها ففيها وجهان:
الأول: أنها جملة مستأنفة، تعليلٌ للجملة قبلها، كأنه قيل: ما بالُهُمْ يحسبون الإملاء خيراً؟ فقيل « {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليزدادوا إِثْمَاً} و» إنّ «- هنا مكفوفة ب» ما «ولذلك كُتِبَتْ متصلة - على الأصل ولا يجوز أن تكون موصولة - اسمية ولا حرفية - لأن لام» كي «لا يصح وقوعها خبراً للمبتدأ ولا لنواسخه.