ما حذفت النون منه لوجب مُطَابقة الضمير جمعاً كما في قوله تعالى:{كالذي خاضوا}[التوبة: ٦٩] و «دِماؤُهُمْ» ، فلما قال تعالى:{استوقد} بلفظ الإفراد تبيّن أحد الأمرين المتقدّمين: إمّا بصلة من باب وقوع المفرد موقع الجمع؛ لأن المراد به الجنس، او أنه من باب ما وقع فيه من صفة لموصوف يفهم الجمع.
وقال الزمخشري ما معناه: إنَّ هذه الآية مثل قوله تعالى: {كالذي خاضوا}[التوبة: ٦٩] ، واعتل لتسويغ ذلك بأمرين.
أحدهما: أن «الذي» لما كان وصلةً لوصف المعارف ناسب حذف بعضه لاستطالته، قال:«ولذلك نهكوه بالحذف، فحذفوا ياءه ثم كسرته، ثم اقتصروا منه على اللَاّم في أسماء الفاعلين والمفعولين» .
والأمر الثاني: أنّ جمعه ليس بمنزلة جمع غيره بالواو والنون، إنما ذلك علامةٌ لزيادة الدّلالة، ألا ترى أنَّ سائر المَوْصُولَاتِ لَفْظُ الجَمْعِ والمفرد التي نظر بها.
والوجه الثاني: أنه اعتقد كون الموصول بقيته «الذي» ، وليس كذلك، بل «أل» الموصولة اسم موصول مستقلّ، أي: غير مأخوذ من شيء، على أنَّ الراجح من جهة الدَّليل كون «أل» الموصولة حرفاً لا اسماً كما سيأتي.
وليس لمرجّح أن يرجّح قول الزمخشري بأنهم قالوا: إنَّ الميم في قولهم: «مُ الله» بقية «أيمن» ، فإذا انتهكوا «أيمن» بالحذف حتى صار على حرف واحد، فأولى أن يقال بذلك فيما بقي على حرفين، لأن «أل» زائدة على ماهية «الذي» ، فيكونون قد حذفوا جميع الاسم، وتركوا ذلك الزائد عليه، بخلاف «ميم»«أيمن» ، وأيضاً فإن القول بأن «الميم» بقية «أيمن» قول ضعيف مردود يأباه قول الجُمًهُور.
وفي «الَّذي» لُغَاتٌ، أشهرها ثبوت الياء ساكنةً ود تُشَدِّد مكسورة مطلقاً، أو جاريةً بوجوه الإعراب، كقوله:[الوافر]