ونقل تاج القراء أن «أجَابَ» عام، و «اسْتَجَابَ» خاص في حصول المطلوب.
قال الحسن: ما زالوا يقولون ربنا ربنا حتى استجاب لهم. وقال جعفر الصادق: من حزبه أمرٌ فقال خمس مرات «ربَنا» نجّاه مما يخاف، وأعطاه ما أراد، قيل: وكيف ذلك؟ قال اقرءوا: {الذين يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً} [آل عمران: ١٩١] إلى قوله: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الميعاد} [آل عمران: ١٩٤] .
قوله تعالى: {أَنِّي لَا أُضِيعُ} الجمهور على فتح «أن» والأصل: بأني، فيجيء فيها المذهبان، وقل أن يأتي على هذا الأصل، وقرأ عيسى بن عمر بالكسر، وفيها وجهان:
أحدهما: على إضمار القول أي: فقال: إني.
والثاني: أنه على الحكاية ب «استجاب» ؛ لأن فيه معنى القول، وهو رأي الكوفيين.
قوله: «لا أضيع» الجمهور على «أضيع» من أضاع، وقرئ بالتشديد والتضعيف، والهمزة فيه للنقل كقوله: [الطويل]
١٧١٧ - كمُرْضِعَةٍ أوْلَادَ أخْرَى وَضَيَّعَتْ ... بَنِي بَطْنِهَا هَذَا الضَّلالُ عَنِ الْقَصْدِ
قوله: «منكم» في موضع جر صفة ل: «عامل» ، أي: كائناً منكم.
قوله: «من ذكر وأنثى» فيه خمسة أوجهٍ:
أحدها: أن «مِنْ» لبيان الجنسِ، بيِّن جنس العامل، والتقدير: الذي هو ذكرٌ أو أنثى، وإن كان بعضهم قد اشترطَ في البيانيةِ أن تدخلَ على معرَّفٍ بلامِ الجنسِ.
ثانيها: أنَّهَا زائدةٌ، لتقدم النفي في الكلام، وعلى هذا فيكون {مِّن ذَكَرٍ} بدلاً من نفس «عَامِلٍ» ، كأنه قيل: عامل ذكر أو أنثى، ولكنْ فيه نظرٌ؛ من حيثُ إنَّ البدلَ لا يُزاد فيه «من» .
ثالثها: أنها متعلقة بمحذوف؛ لأنها حالٌ من الضمير المستكن في «مِنْكُمْ» ؛ لأنه لما وقع صفة تحمَّل ضميراً، والعامل في الحال العامل في «مِنْكُمْ» أي: عامل كائن منكم كائناً من ذكر.
رابعها: أن يكون «مِنْ ذكرٍ» بدلاً من «مِنْكُمْ» ؛ قال أبو البقاء: «وهو بدلُ الشيء من الشيء، وهما لعين واحدة» .
يعني فيكون بدلاً تفصيليًّا بإعادة العامل، كقوله: {لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} [