للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَاّ يُبْصِرُونَ} ههذه جملة معطوفة.

فإن قيل: لم قيل: ذهب بنورهم، ولم يقل: أذهب الله نورهم؟

فالجواب: أن معنى أذهبه: أزاله، وجعله ذاهباَ، ومعنى ذهب به: إذا أخذه، ومضى به معه، ومنه: ذهب السُّلطان بماله: أخذه، قال تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ} [يوسف: ١٥] فالمعنى: أخذ الله نوره، وأمسكه، فهو أبلغ من الإذهاب، وقرأ اليماني: «أَذْهَبَ اللهُ نُورَهُمْ» .

فإن قيل: هلاّ قيل: ذهب الله بضوئهم [لقوله: {فَلَمَّآ أَضَاءَتْ} ؟

الجواب: ذكر النور أبلغ؛ لأن الضوء فيه دلالة على الزيادة.]

فلو قيل: ذهب الله بضوئهم لأوهم ذهاب [الكمال، وبقاء] ما يسمى نوراً والغرض إزالة النُّور عنهم بالكلية، أَلا ترى كيف ذكر عقبيه: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَاّ يُبْصِرُونَ} والظلمة عبارة عن عدم النور.

وقوله: [ {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَاّ يُبْصِرُونَ} ] هذه جملة معطوفة على قوله: «ذهب الله» ، وأصل الترك: التخلية، ويراد به التّصيير، فيتعدّى لاثنين على الصَّحيح؛ كقول الشَّاعر: [البسيط]

٢٣٥ - أَمَرْتُكَ الخَيْرَ فَافْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ ... فَقَدْ تَرَكْتَكَ ذَا مالٍ وَذَا نَضَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>