للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أهْلِ» خبرٌ مقدَّمٌ و «من» يجوز أن تكونَ موصولةً - وهو الأظهر - وموصوفة، أي: ل «قوماً» ، و «يؤمن» صلة - على الأول - فلا محلَّ له، وصفة - على الثاني - فمحله النصب، وأتى - هنا - بالصلة مستقبلة - وإن كان ذلك قد مضى - دلالة على الاستمرار والديمومة.

والمعنى: إن من أهْلِ الكتابِ مَنْ يُؤمِن باللهِ وما أنْزِل إليكم، وهو القرآنُ، وما أنْزِلَ إلَيْهَم، وهو التوراة والإنجيل.

قوله: {خَاشِعِينَ} فيه أربعةُ أوجهٍ:

أحدها: أنه حالٌ من الضمير في «يؤمن» وجَمَعَه، حَمْلاً على معنى «مَنْ» كما جمع في قوله: «إلَيْهِمْ» وبدأ بالحمل على اللفظ في «يُؤْمِن» ثم بالحَمْلِ على المعنى؛ لأنه الأولى.

ثانيها: أنه حال من الضمير في «إلَيْهِمْ» فالعامل فيه «أنْزِلَ» .

ثالثها: أنه حال من الضمير في «يَشْتَرُون» وتقديم ما في حيِّز «لا» عليها جائز على الصحيح وتقدم شيء من ذلك في الفاتحة.

رابعها: أنه صفة لِ «من» إذا قيل بأنها نكرة موصوفة. وأما الأوجه الثلاثة السابقة فجائزة، سواء كانت موصولةٌ، أو نكرة موصوفة.

قوله: «للهِ» فيه وجهان:

أحدهما: أنه متعلق ب «خَاشِعِينَ» أي: لأجل الله.

ثانيهما: أنه متعلق ب «لَا يَشْتَرُونَ» ذكره أبو البقاء، قال: «وهو في نية التأخير، أي: لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً لأجل الله» .

قوله: {لَا يَشْتَرُونَ} كقوله: {خَاشِعِينَ} إلا في الوجه الثالث، لتعذره، ويزيد عليها وجهاً آخر، وهو أن يكون حالاً من الضمير المستكن في «خَاشِعينَ» أي: غير مشترين.

وتقدم معنى الخشوع والاشتراء وما قيل في البقرة.

ومعناه: أنهم لا يُحَرِّفُونَ كُتُبَهم، ولا يكتمون صفة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأجل الرياسة والمأكلة، كفعل غيرهم من رؤساءِ اليهودِ.

واعلم أنه - تعالى - لما بيَّن أنَّ مصير الكفار إلى العقاب، بيَّن - هنا - أنَّ مِنْ آمنَ منهم فإن مَصيرَه إلى الثَّوابِ.

وقد وصفهم بصفات:

أولها: الإيمان بالله.

ثانيها: الإيمان بما أُنْزِلَ على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

وثالثها: الإيمان بما أُنْزِلَ على الأنبياء قَبْلَه.

ورابعها: كونهم خَاشِعِينَ لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>