قال: إنَّمَا أمرتكم بذلك إذا كانوا عاقلين بالغين، متمكنين من حفظ أموالهم، فأمَّا إذا كانوا غير بالغين، أو غير عقلاء، أو كانوا بالغين عقلاء؛ إلَاّ أنَّهم سُفهاء، فلا تدفعوا إليهم أموالهم، والمقصود منه الاحتياطُ في حفظ أموال الضُّعفاء العاجزين.
واختلفوا في السُّفَهاء:
فقال مجاهد والضَّحَّاك: هم النِّسَاءَ كما قَدَّمْنَا، وهذا مذهب ابن عمر ويدلُّ عليه ما روى أبو أمامة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:
«ألا إنَّما خُلِقَت النَّارُ للسُّفَهاء، يقولها [ثلاثاً] ألا وإن السُّفهاء النِّساء، [إلاّ امرأة أطاعت قيّمها» ] .
وقال الزَّمخشريُّ وابن زيد: والسُّفهاء ههنا السفهاء عن من الأولاد، ويقول: لا تعط مالك [الذي هو قيامك] ولدك السَّفيه فيفسده. وقال ابن عباس والحسن وقتادة وسعيد بن جبير: هم النِّساء [والصبيان] إذا علم الرجل أنَّ امرأته سفيهةٌ مُفْسِدةٌ، وَأنَّ ولده سفيه مفسد، فلا يسلط واحداً منهما على ماله.
وقيل: المرادُ بالسُّفهاء كل من لم يحفظ المال للمصلحة من النِّسَاءِ والصبيان والأيتام، وكلُّ من اتَّصف بهذه الصفة؛ لأنَّ التَّخصيص بغير دليل لا يجوز، وقد تقدَّم في «البقرة» أنَّ السَّفه خفة العقل ولذلك سُمِّي الفاسق سفيهاً، لأنه لا وزن له عند أهل العلم والدين، ويسمى النَّاقص العقل سفيهاً لخفة عقله.
فصل في دلالة الآية في الحجر على السفيه
قال القرطبيُّ: دلت هذه على جواز الحجر على السَّفيه لقوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ} ، وقوله:{فَإن كَانَ الذي عَلَيْهِ الحق سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً}[البقرة: ٢٨٢] فأثبت الولاية على السَّفيه كما أثبتها على الضَّعيف، والمراد بالضَّعيف في الآية الضَّعيف الْعَقْلِ لصغرِ أو مرض.
فصل في حال السفيه قبل الحجر عليه
[قال القرطبيُّ] : واختلفوا في حال السَّفيه قبل الْحَجْرِ عَلَيْهِ، فقال مالك وأكثر