كائن أو مستقر، ويجوز أن يكون في محلّ نصبٍ متعلِّقاً بلفظ «نصيب» لأنه من تمامه. وقوله {مِمَّا قَلَّ}[و] في هذا الجارّ أيضاً وجهان:
أحدهما: أنه بدل من «ما» الأخيرة في «مما ترك» بإعادة حرف الجرّ في البدل، والضمير في «منه» عائد على «ما» الأخيرة، وهذا البدل مرادٌ أيضاً في الجملة الأولى حُذِفَ للدلالة عليه، ولأن المقصود بذلك التأكيد؛ لأنه تفصيلٌ للعموم المفهوم من قوله {مِّمَّا تَرَكَ} فجاء هذا البدل مفصّلا لحالتيه من الكثرة والقِلَّةِ.
والثاني: أنه حال من الضَّمِيرِ المحذوف من «ترك» أي: مما تركه قليلاً، أو كثيراً، أو مستقراً مما قلّ.
فصل
قال القُرْطِبِيُّ: استدلّ علماؤنا بهذه الآية على قسم المتروك على الفرائض، فإن كانت القِسْمَةُ لغير المتروك عن حاله كالحمام الصّغير، والدّار التي تبطل منافعها بإقرار أهل السهام فيها فقال مالك: يقسم ذلك، وإن لم ينتفع أحدهم بنصيبه لقوله تعالى {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً}[النساء: ٧] وبه قال الشَّافعيُّ وأبو حنيفة.
قال أبو حنيفة: في الدِّار الصَّغيرة يكون بين اثنين فطلب أحدهما القسمة، وأبى صَاحِبُه قُسمتْ له.
وقال ابن أبي ليلى: إن كان فيهم من لا يَنْتَفِعُ بقسمه، فلا يقسم، وكل قسم يدخل فيه الضّرر على أحدهما، دون الآخر فإنَّه لا يقسم، وهو قول أبي ثَوْرٍ.
وقال ابْنُ المُنْذِرِ: وهو أصحُّ القولين.
قوله:{نَصِيباً مَّفْرُوضاً} فيه أوجه:
أحدها: أن «نصيباً» ينتصب على أنَّهُ واقع موقع المصدر، والعامل فيه معنى ما تقدَّم إذ التَّقدير عطاءً أو استحقاقاً، وهذا معنى قول مَنْ يقول منصوب على المصدر المؤكد.
قال الزَّمخشريُّ: كقوله: {فَرِيضَةً مِّنَ الله}[النساء: ١١] كأنه قيل: قسمة مفروضة، وقد سَبَقه الفرَّاءُ إلى هذا، قال: نُصِبَ؛ لأنه أخرج مُخْرَجَ المَصْدَر؛ ولذلك وحّده كقولك: له عَليَّ كذا حقّاً لازماً، ونحوه {فَرِيضَةً مِّنَ الله}[النساء: ١١] ، ولو كان اسْماً صحيحاً لم ينصب، لا تقول: لك عليّ حق درهماً.