وقَالَ قَتَادَةُ عن يَحْيَى بن معمر: ثلاث آياتٍ محكمات مذنيات تركهن النَّاسُ، هذه الآية، وآية الاستئذان {ياأيها الذينءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ الذين مَلَكَتْ أيمانكم}[النور: ٥٨] وقوله: {يا أيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى}[الحجرات: ١٣] .
وقال آخرون: ذلك على سبيل النَّدْبِ إذا كان الورثة كباراً، فإن كَانُوا صغاراً فليس إلَاّ القول المعروف، وهذا هو الَّذي عليه فقهاءُ الأمصار لأنَّه لو كان لهم حَقٌّ معين لبينه اللهُ - تعالى - كسائر الحقوق، ولو كان واجباً لتوفّرت الدَّواعي على نقله لشدَّة حرص الفقراء والمساكين على تقريره، ولو كان كَذَلِكَ لنقل على سبيل التَّوَاتُرِ.
القول الثَّاني: أنَّ المراد بالقسمة الوصيَّة فَإذَا [حضرها منة لا يرث] من الأقرباء اليتامى والمساكين أي: الذين لا يرثون ثم قال: {وَإِذَا حَضَرَ القسمة أُوْلُواْ القربى} واليتامى والمساكين} أنَّهُ راجع إلى أولي القربى الذين يرثون. [وقوله:{فارزقوهم مِّنْهُ} راجع إلى اليتامى والمساكين الذين لا يرثون] . وهذا القَوْلُ محكيٌّ عن سعيد بن جُبَيْرٍ، وقدم اليتامى على المساكين، لأنَّ ضعفهم أكثرُ وحاجاتهم أشَدُّ فكان وضع الصدقات أفضل وأعظم في الأجر.
قوله:{فارزقوهم مِّنْهُ} .
في هذا الضمير ثَلَاثَةُ أوْجهٍ:
أحدها: أنه يعود على المال، لأنَّ القسمة تَدُلُّ عليه بطريق الالتزام.
الثَّانِي: أنَّهُ يعود على «ما» في قوله: {مِّمَّا تَرَكَ} .
الثَّالِثُ: أنَّهُ يعود على نفس القِسْمَةِ، وإن كان مذكراً مراعاة للمعنى إذ المراد بالقسمة الشيء المقسوم، وهذا على رأي من يرى ذلك، وَأمَّا مَنْ يقول: القسمة من الاقتسام كالخبرة من الاختبار أو بمعنى القَسَم فلا يتأتى ذلك.