مستأنفاً وهو قوله:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين} ونظيره قوله تعالى: {وَعَدَ الله الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم مَّغْفِرَةً}[الفتح: ٢٩] أي: قال لهم مغفرة؛ لأن الوعد قولٌ.
فصل
اعلم أنه تعالى بدأ بذكر ميراث الأوْلَادِ؛ لأنَّ تعلُّق الإنسان بولده أشدّ التّعلقات، وللأولاد حال من انفراد وحال اجتماع مع الوالدين.
فحال الانفراد [ثلاثة] إمَّا أن يَكُونُوا ذكوراً وإناثاً، أو ذكوراً فقط، أو إناثاً فقط، فإنْ كانوا ذكوراً وإناثاً فقد بَيَّنَ اللهُ تعالى حكمهم بقوله:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين} فبين تعالى أن للذكر مثل ما للأنثى مرتين.
فإنَّ التَّقدير: في أولادكم الذُّكور والإناث، فعادَ الضَّمِيرُ على أحد قِسمي الأولادِ، وإذا عاد الضَّمِيرُ على جمع التكسير العاقل المراد به مَحْضَ الذُّكور، وفي قوله عليه السَّلام
«ورب الشياطين ومن أضللن» لعوده على جماعة الإناث، فَلأنْ يعودَ كذلك على جمع التكسير المشتمل على الإناث بطريق الأوْلى [والأحرى] ، وهذا معنى قول أبي حيَّان: وفيه نَظَرٌ لأن عوده هناك كضمير الإناث إنما كان لمعنى مفقودٍ هنا وهو طلب المشاكلة لأنَّ قبله «اللهم رب السموات ومن أضللن الأرضين وما أقللن» ذَكَر ذلك النحويون.
وقيل: الضَّمير يعود على المتروكات أي: فإن كانت المتروكات، وَدَلَّ ذِكْرُ الأولاد عليه، قاله أبُو البقاء ومكيٌّ وقدَّره الزمخشريُّ: فإنْ كانت البنات أو المولودات.
فإذا تقرر هذا ف «كُنَّ» كان واسمُها و «نسَاءٌ» خبرها، و «فوق اثنتين» ظرف في فائدةٌ، ألا ترى أنَّه لو قيل:«إنْ كان الزيدون رجالاً كان كذا» لم يَكُنْ فيه فائدةٌ.
وأجاز الزَّمخشريُّ في هذه الآية وَجْهين غريبين:
أحدهما: أن يكون الضمير في «كُنَّ» ضميراً مبهماً، و «نساء» منصوبٌ على أنَّهُ تفسيرٌ له يعني: تمييزاً، وكذلك قال في الضَّمِير الَّذي في «كَانَتْ» من قوله: {وَإِن كَانَتْ