ورابعها: أنَّ الأنبياء عليهم السَّلام لا يورثون، وروي أنَّ فاطمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - لما طلبت الميراث ومنعوها، احتجَّوا عليها بقوله عليه السلام:«نَحْنُ مَعَاشِرَ الأنْبِيَاء لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة» فعند هذا أشارت إلى أن عموم القرآن لا يجوز تخصيصه بخير الواحد.
وقوله:«وإن كانت واحدة» قرأ نافع «وَاحِدَةٌ» رفعاً على أن «كَانَ» تامة أي: وإن وُجِدَتْ واحدةٌ، والباقون «واحدة» نصباً على أن «كَانَ» ناقصة واسمُها مستتر فيها يعودُ على الوارثة أو المتروكة و «واحدة» نَصْبٌ على خبر «كان» ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أنَّ الزَّمَخشريَّ أجاز أن يكون في «كان» ضمير مبهمٌ مفسَّر بالمنصوبِ بعد. وقرأ السُّلمي:«النُّصف» بضم النون، وهي قراءةُ عليِّ وزيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - وقد تقدَّم شيء من ذلك في البقرة في قوله:{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}[البقرة: ٢٣٧] ويعني: كون البنت الواحدة لها النّصف؛ لأن الابن الواحد له جميع المال إذا انفرد، فكذلك البنت إذا انفردت لها نصف ما للذكر إذا انفرد؛ لأنَّ الذَّكر له مثل حظ الأنثيين.
{السدس} مبتدأ و {وَلأَبَوَيْهِ} خبرٌ مقدَّمٌ، و {لِكُلِّ وَاحِدٍ} بدل من {وَلأَبَوَيْهِ} ، وهذا نص الزمخشريِّ فإنَّه قال:{لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا} بدل من {وَلأَبَوَيْهِ} بتكرير العامل، وفائدة هذا البدل أنَّهُ لو قيل:«ولأبويه السدس» لكان ظاهرةُ اشتراكهما فيه، ولو قيل:«لأبويه السدسان» لأوْهَمَ قِسْمَةَ السدسين عليهما بالسويةِ وعلى خلافهما.
فإن قُلْتَ: فهلا قيل: «ولكل واحد من أبويه السدس» وأيُّ فائدةٍ في ذكر الأبوين أولا ثم في الإبدال منهما؟ .
قلت: لأنًّ في الإبدال والتفصيل بَعْدَ الإجمال تأكيداً وتشديداً كالذي تراه في الجمع بين المفسَّر والتفسير.
و {السدس} مبتدأ، وخبره {لأَبَوَيْهِ} والبدلُ متوسط بينهما للبيان. انتهى.