الأوَّلُ: هذا النِّكاح منعقد؛ فوجب أن يكون صحيحاً، بيان أنَّهُ منعقد لأنَّهُ منهي عنه بهذه الآية، ومذهب أبي حَنِيفَةَ أنَّ النَّهْيَ عن الشَّيء يَدُلُّ على كونه في نفسه منعقداً، وهذا أصْلُ مذهبه في مَسْأَلَةِ البيع الفَاسِدِ وصوم يوم النَّحْرِ، فيلزمُ من مجموع هاتين المُقَدِّمَتَيْنِ، أن يكون هذا النِّكاح منعقداً على أصل أبي حنيفة، وإذا كان منعقداً في هذه الصُّورة؛ وَجَبَ القولُ بالصِّحَّة؛ لأنَّهُ لا قائل بالفَرْقِ.
وثانيها:[أنَّ] قوله {وَلَا تَنْكِحُواْ المشركات حتى يُؤْمِنَّ}[البقرة: ٢٢١] وهذا نهي إلى غاية إيمانِهنَّ والحكمُ المدود إلى غاية ينتهي عند حُصُولِ تلك الغاية، وإذا انتهى [المنع] حصل الجواز، فهذا يقتضي جواز إنكاحهن على الإطلاق، ويدخل في هذا العموم مزنيّة الأب وغيرها، أقصى ما في هذا الباب أنَّ هذا العموم خُصَّ في مواضع، فَيَبْقَى حجة في غير محل التخصيص، ولذلك يستدل بجميع المعلومات الواردة في باب النكاح كقوله تعالى:
{وَأَنْكِحُواْ الأيامى مِنْكُمْ}[النور: ٣٢] وقوله {فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء}[النساء: ٣] وكذلك قوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤] وليس لأحد أن يقول إن قوله {مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤] ضمير عائد إلى المذكور السابق، ومن جملة المذكور السابق قوله:{مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤] وليس لأحد أن يقول إن قوله {مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤] ضمير عائد إلى المذكور السابق، ومن جملة المذكور السابق قوله:{وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النسآء} لأن الضمير يجب عوده إلى أقرب المذكورات إليه هو قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣] وكان قوله {وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النسآء} عائداً إليه، ولا يدخل فيه قوله {وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النسآء} وكذلك عموم الأحاديث كقوله عليه السلام «إذَا جَاءَكُم مضنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ فَزَوِّجُوهُ» وقوله «