الْقُبْحُ العَقْلِيُّ، والقبح الشَّرْعِيُّ، والقبح العَادِيُّ، فقوله:«فاحشة» إشارة إلى القُبْحِ العقلي، وقوله {وَمَقْتاً} إشارةً إلى القبح الشَّرعي، وقوله {وَسَآءَ سَبِيلاً} إشارةً إلى القبح في العرف والعادةِ، ومن اجتمع فيه هذه الوجوه فقد بلغ الغاية في القبح.
قوله {وَسَآءَ سَبِيلاً} في «ساء» قولان:
أحدهما: أنها جارية مجرى بئس في الذَّمِّ والعمل، ففيها ضمير مبهم يفسِّره ما بعده وهو {سَبِيلاً} والمخصوص بالذَّمِّ محذوف تقديره «وساء سبيل هذا النكاح» كقوله: «بئس الشراب» أي: ذلك الماء.
قال الَّليْثُ:«ساء» فعل لازم وفاعله [مضمر، و]«سبيلاً» منصوب تفسيراً لذلك الفاعل المحذوف كما قال
{وَحَسُنَ
أولئك
رَفِيقاً} [النساء: ٦٩] .
الثاني: أنَّهَا لا تجري مجرى بِئْسَ في العمل، بل هي كسائر الأفعال، فيكونُ فيها ضمير يعودُ على ما عاد الضَّمِيرُ في {إِنَّهُ} ؛ و {سَبِيلاً} على كلا التَّقْدِيرَيْنِ تمييز وفي هذه الجملة وجهان:
أحدهما: أنها لا محل لها من الإعراب بل هي مُسْتَأنَفَةٌ ويكون الوقف على قوله: ومقتاً، ثم يستأنف {وَسَآءَ سَبِيلاً} أي: وساء هذا السَّبِيلُ من نكاح مَنْ نكحهن من الآباء.
والثاني: أن يكون معطوفاً على خبر كان، على أنَّه يجعل محكياً بقول مضمر، ذلك القول هو المعطوف على الخبر، والتقدير: ومقولاً فيه {وَسَآءَ سَبِيلاً} فهكذا قدَّرَهُ أبُو البَقَاءِ. ولقائل أن يقول يجوز أنْ يكون عطفاً على خبر كان من غير إضمار قول؛ لأنَّ هذه الجملةَ في قوة المفردِ، ألا ترى أنه يقع خبراً بنفسه، بِقَوْلِ: زيد سَاءَ رَجُلاً، فغاية ما في البَابِ أنَّكَ أتيتَ بِأخبَارٍ كان أحدُهَا مفرد والآخر جملة، اللَّهُمَّ إلَاّ أن يقالَ: إنَّ هذه الجملة إنشائِيَّة، والإنشائيَّة لا تقع خبراً ل «كان» فاحتاج إلى إضمار القول، وفيه بحث.