حنيفة: يجوز استدلّ الشافعيُّ بما تقدَّمَ من الاشتقاق فمن قال: إنَّهُ ليس كذلك فهو شهادةٌ على النّفي ب «لا» فلا يلتفتُ إليْه. انتهى.
فصل [حرمة حليلة الابن بالعقد]
اتَّفَقُوا على أنَّ حُرْمَةَ حليلة الابن تَحْصُلُ بنفس الْعَقْدِ كما تحصل حرمة حليلة الأب بنفس العقد، لأنَّ عموم الآية يقتضي ذلك سواء كان مدخولاً بها أو لم يكن.
سئل ابْنُ عَبَّاسٍ عن قوله {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الذين مِنْ أَصْلَابِكُمْ} أنَّهُ تعالى لم يبين أنَّ هذا الحكم مخصوص بما إذا دخل الابن بها أو غير مخصوص، فقال ابن عبَّاس: أبهموا ما أبهمه اللَّه، فليس المراد من هذا الإبهام كونها مجملة مشتبهة، بل المرادُ من هذا الإبهام التأبيد، ألا ترى أنَّهُ قال في السّبعة المحرمة من النَّسب إنَّها من المبهمات [أي] اللّواتي تثبت حرمتهن على سبيل التّأييد فَكَذَا هُنَا.
فصل [هل يحرم النكاح باللواط؟]
[قال القرطبي] : اخْتَلَفُوا في اللائِطِ فقال مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة وأصحابهم لا يحرم النِّكاح باللواط، وقال الثَّوْرِيُّ: إذا لَعِبَ بالصَّبِيِّ حَرُمَتْ عليه أمُّهُ وقال الإمام أحْمَدُ: إذا تلوَّطَ بابن امرأته أو أخيها، أو أبيها حَرُمَتْ عليه امْرأتُهُ وقال الأوزاعيُّ: إذَا لَاطَ بِغُلَامٍ ووُلِدَ للمفجور به بنتٌ لم يجز للفَاجِرِ أن يتزوَّجها، لأنَّهَا بنت من قد دخل به.
فصل
اتَّفَقُوا على أنَّ هذه الآية تقتضي تحريم حليلة ولد الولد على الجدِّ، وهذا يدلُّ على أنَّ ولد الولد يطلق أنَّهُ من صلب الجدّ، وكذلك ولد الولد منسوب إلى الجدّ بالولادة.
قوله {وَأَن تَجْمَعُواْ} في محلّ رفع عطف على مرفوع {حُرِّمَتْ} أي «وحرم عليكم الجمعُ بين الأختين، والمراد الجمع بينهما في النِّكَاحِ.
أما في المِلْك فجائز اتفاقاً، وأمَّا الوطء بملك اليمين ففيه خلاف.
قوله {إَلَاّ مَا قَدْ سَلَفَ} استثناء منقطع فهو منصوب المحلّ كما تَقَدَّمَ في نظيره، أي: لكن ما مضى في الجاهليَّةِ فَإنَّ اللَّهَ يغفره، وقيل: المعنى إلَاّ ما عقد عليه قبل الإسْلَامِ، فإنَّهُ بعد الإسلام يبقى النّكاح على صحَّتِهِ، ولكن يختار واحدة منهما ويفارق الأخرى، وتقدَّم قريب من هذا المعنى في {إَلَاّ مَا قَدْ سَلَفَ} الأوَّل، ويكون الاسْتِثْنَاء عليه متصلاً، وهنا لا يتأتى الاتصال عليه ألْبَتَّةَ لفساد المعنى.