اتَّفَقُوا على أنَّهُ إذَا سبي أحد الزَّوْجَيْنِ قبل الآخر وأخرج إلى دار الإسلام وقعت الفرقة بينهما، فإنْ سُبِيَا معاً، قال الشَّافِعِيُّ: تزول الزَّوجيّة ويستبرئها المالك.
وقال أبو حَنِيفَةَ لا تزول الزَّوجيَِّة.
واستدلَّ الشافعيُّ بقوله {والمحصنات مِنَ النسآء} فيقتضي تحريم ذوات الأزواج ثم قال {إِلَاّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ} يقتضي أن عند طريان الملك ترتفع الحرمة ويحصل الحل.
قال أبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: إن حصلت الفُرْقَةُ بمجرد طريان الملك فوجب أن تقع الفرقة بشراء الأمة واتهابها [وإرثها] وليس ذلك واجب، فإنَّ العام بعد التَّخصيص حجة في الباقي، وأيضاً فالحاصل عن السَّبي إحداث الملك، وعند البيع نقل الملك من شخص إلى شخص، فكان الأوَّل أقوى.
قوله [ {كِتَابَ الله} ] في نصبه ثلاثة أوجه:
أظهرها: أنَّهُ منصوبٌ على أنَّهُ مصدر مؤكّد بمضمون الجملة المتقدِّمة قبله، وهي قوله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} ونصبه بفعل مقدر [تقديره] كتب الله ذلك عليكم كتاباً، والمعنى: كتب اللهُ عليكم تحريم ما تقدَّمَ ذكره من المحرمات كتَاباً مِنَ اللهِ، ومجيء المصدر من غير لفظ الفعل كثير. قال تعالى {وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب صُنْعَ الله}[النمل: ٨٨] ، وأبعد عبيدة السلماني في جعله هذا المصدر مؤكداً لمضمون الجملة من قوله تعالى «فانكحوا ما طاب لكم [» من النساء «] .
الثاني: أنه منصوب على الأغراء ب» عليكم «والتقدير: عليكم كتاب الله، أي: ألزموه كقوله تعالى {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ}[المائدة: ١٠٥] وهذا رأي الكِسَائيِّ ومن تابعه أجازوا تقديمَ المنصوب في باب الإغراء مستدلَّينَ بهذه الآية، وبقول الشَّاعِرِ:[الرجز]